قد يثيرهذا السؤال في الذهن تساؤلات الخيال العلمي عن امكانات الآلات وخاصة الروبوت أوالإنسان الآلي في المستقبل. إلا أنه في الواقع سؤال يتعلق بماهية الذكاء الاصطناعي وتوجهاته. وفي هذا الصدد تبرز التفرقة التي حددها جون سيرل Searle   أستاذ الفلسفة في جامعة كاليفورنيا بين نوعين من الذكاء:

هل يمكن للآلة أن تفكر؟
هل يمكن للآلة أن تفكر؟

الذكاء الصناعي الضعيف Weak AI

هذا الاتجاه يفترض أن الآلة لا تستطيع أن تمتلك ذكاء حقيقيا، بل يتوقف عند افتراض أنها قد تتصرف بطريقة تتسم بالذكاء، فيمكن بناء أجهزة أكثر قدرة من المخ البشري على تخزين وتصنيف المعلومات والتعامل معها ورغم ذلك فإنها تظل "آلات" وليس عقولا، بمعنى أنها وسائل تستخدم لتأدية أغراض معينة ولكنها لا تكتسب استقلالا أو وعيا ذاتيا ومن الأمثلة برنامج Mycin الذي قدمه شورتليف في منتصف السبعينات كبرنامج لتشخيص وعلاج بعض أنواع العدوى البكتيرية في عام 1975، تفوَّق برنامج أُطلق عليه مايسين Mycin على الطبيب العادي في الدقة التي شخص بها التهاب السحايا عند المرضى. وطبق البرنامج بدقة بالغةٍ المعايير التي وضعها على مدى سنوات عديدة خبراءُ في العلاج السريري للتمييز بين الأسباب الثلاثة المختلفة للمرض. وتلك المهام مناسبة بشكل أفضل للحاسوب منه للعقل البشري.

الذكاء الصناعي القوي Strong AI

لا يفترض هذا التوجه أن الآلة أو الكمبيوتر قد تقوم بأفعال تتسم بالذكاء فقط، بل يفترض أن الآلة نفسها تشكل عقلا mind مفكرا. على أساس وجود تماثل بين عمل الدماغ البشري وعمل الحاسوب، فحسب زعمهم فالمخ هو مجرد جهاز كمبيوتر بالغ التعقيد، أما العقل فهو البرامج الموضوعة فيه. والحاسوب بدوره يعتمد على المكونات الصلبة hardware والمكونات اللينة أوالبرامج software. وعلى هذا الأساس فإن الشكل البيولوجي للـدماغ هو المكون الصلب وما يختزنه العقل من معارف ومعتقدات ومشاعر ما هو إلا مرادف لبرامج الحاسوب. وعليه فإن أي نظام يحصل على البرامج المناسبة مع المدخلات والمخرجات الملائمة فباستطاعته انتاج استجابات تماما كما يفعل العقل البشري.
ويمضي اتجاه الذكاء الاصطناعي القوي إلى أبعد من ذلك إذ يفترض أن الآلة قد تكتسب القدرة على الشعور والانفعال وهذا ما يعكف عليه العلماء في معهد ماساتشوستس وجامعة كارنيغي كبرنامج Eliza الذي قدمه جوزيف واييزنباوم والذي يحاكي معالجا نفسيا، أو برنامج باري Parry الذي يحاكي مريضا بالبارانويا يتصور أن المافيا تتعقبه.

 وهكذا فإن النقاش بين مؤيدي أطروحة Searle ومعارضيها مازال مفتوحا من دون أن تبدو له نهاية قريبة في الأفق، ولكنه في كل الأحوال يثير النقاش حول حدود وإمكانات ذكاء الآلة، ويعكس انشغال كل من الفلاسفة والباحثين في الذكاء الاصطناعي بما أسماه سولسو بالجني الإلكتروني electronic genie الذي انطلق من قمقمه.
                
                                             Weisenbaum: Man and Machine
                                            الدكتورمحمد طه :كتاب الذكاء الإنساني

التعاليق

أحدث أقدم