مثال تطبيقي لدراسة حالة تربوية

نجدد ترحيبنا بمتابعي مدونة محيط المعرفة الأوفياء.
موضوعنا لهذا اليوم يتعلق بتقديم مثال تطبيقي لدراسة حالة تربوية وفق مراحل ومنهجية دراسة حالة تربوية، وللأمانة العلمية فالموضوع توصلنا به عبر بريد المدونة من الأستاذ السيد عبد اللطيف بوكرن.
يمكنكم الاطلاع على موضوع: نموذج تحليل دراسة حالة.

مثال تطبيقي لدراسة حالة تربوية
مثال تطبيقي لدراسة حالة تربوية



هذا الموضوع من اقتراح وتعديل الدكتور: سالم تالحوت تحليل الأستاذ: عبد اللطيف بوكرن.

بداية لابد أن نشير إلى أن دراسة حالة تربوية أو دراسة حالة مهنية تتعرضان لسلسلة من العمليات أثناء الكتابة لا خلاف بينها إلا من حيث الموضوع وهو المحدد لنوع الاستدعاءات التي يستحضرها - الأستاذ المتدرب حاليا- المحلل والمنتج لنص الموضوع المقترح. بمعنى أن طرح أسئلة من قبل:

- لماذا أكتب؟
وهذا سؤال الغاية وهو محصور في حالتنا هذه باجتياز التقويم من أجل التوظيف أساسا وقد يباين ذلك بين المترشحين في جزئيات طفيفة.

- ماذا أكتب؟ 
وهذا السؤال يتمحور حول الوسائل المتاحة والتي تحصر عملية الكتابة بين معطى ومطلوب (أي نص الموضوع المحدد للموضوع والمحدد للمراحل التي سيتبعها المحلل لنص الموضوع، فبعض المواضيع لا تستدعي تدخلا للتشريع، وأخرى تستدعي ذلك...)

- كيف أكتب؟ 
وهذا محط نظرنا هنا أي ما هي الطريقة و إذا ارتقينا قليلا يكون السؤال ما هي المنهجية السليمة والكفيلة بدراسة الموضوع من جل جوانبه (فالكمال لله وحده).

- متى أكتب؟ 
وهذا السؤال مهم كذلك لأنه يرتبط بالذات والحوافز التي تنمي فعل الكتابة لدينا، والحافز متوفر حينما يكون الإنسان بصدد تحديد مصيره وما ستؤول إليه حياته إذا هو و هي تمكنا من استدعاء جميع عناصر الكتابة في حافزية تصطنعها أنت وقتما تكون الضرورة حاضرة.

- لمن نكتب؟ 
يهمنا هذا السؤال في ضرورة الحرص على تواجد المحصص بعد انتهائك فاعلم حفظك الله أنك تنال وقتك في التحليل وهو سينال وقته في التصحيح، فاستحضره واستحضر مصححا راشدا متعقلا كما لابد أنه تستحضره غير ذلك.

انطلاقا من هذه المعطيات الأساس لأي كتابة لموضوع نشير أن الكتابة والتعبير عن المكتوب (لأن الأمر يحص الشفوي) لا يختلفان فقدرتك على الإحاطة بالموضوع ستمكنك من وضعه أمامك من أجل التعبير عن مكنوناته.

وبين يدي ما كتبنا نقترح عليك دراسة الحالة التربوية الآتية:

 دراسة حالة تربوية
 دراسة حالة تربوية



إن الكلمات التي تم وضعها بلون مغاير هي الكلمات المفاتيح في النص، ولا جرم أن تكون كثيرة لأن نص الانطلاق ما يكون قصير الشكل عميق المحتوى والمشكل ستكون واضحة إذا قمنا بجمع هذه الكلمات المفاتيح:
  • الحديث الكثير في القسم
  • حكي المستملحات
  • رواية المقاطع المسرحية
  • توقيف حصة الدرس
  • العقاب البدني
  • الإخراج من الفصل

مراحل دراسة حالة تربوية

تحديد المشكل

(إن تحديد المشكل ينطلق من الملاحظة التي تستوقفك) إذ يلاحظ من خلال نص الموضوع أن هذه الحالة صفية بامتياز ترتبط بإدارة المدرس (غير القيادية) للصف، والتي تجعل المتعلم يتصرف أمام المدرس بغير السلوك الذي يحدده قائد المجموعة وهو المدرس، والمتمثلة كذلك في نهج الديكتاتورية التي تنهج العقاب وسيلة والإخراج من القسم لتحقيق الصمت وانعدام الحافزية الذي يبدو من خلال عدم التركيز بعد التفات المدرس عنهم، ويساهم فيها نوع من التلاميذ الذي يبدع حسب نظرية الذكاءات المتعددة بواسطة الذكاء اللغوي (أو المشاغب بلغة النص).
(هنا نطرح الأسئلة التي سنشرع في تحليلها)
ما هي أسباب هذا المشكل المرتبطة بالمدرس؟
ماهي أسباب المشكل المرتبطة بالمتعلم؟
وكيف السبيل لحل هذه المشاكل؟ أو بمعنى أدق ما هي مقترحات الحلول التي تساهم في حل هذه الوضعية؟

تحليل المشكل

(هنا نبدأ في التموضع مكان المساهم في هذا المشكل وتبني موقفه انطلاقا من السؤال المطروح فهنا تحليل المشكل وفق السؤال الثاني يبحث في ثلاث وضعيات: الأخلاقي بمعنى ما تواضع الناس على جعله خلقا، الإيتيقي ما يجب أن يكون خلقا وفق القواعد التربوية العلمية وليس القواعد العامية – الأخلاق –، التشريعي وهو ما يضمن تحقيق قواعد القاعدة القانونية سواء بنص صريح أو متوافق معها).
إن المدرس في هذه الحالة ينتهج تدريسا بالمقاربة الديكتاتورية أو التوجيهية أو السلطوية...، وما يجعلنا نعتقد نهج المدرس موضع حالتنا هذه المقاربة هذه، هو الإقصائية من الفصل والتعنيف الواردين في نص الانطلاق، والتركيز هنا سيكون على الجانب التربوي في هذه المعاملة حيث وإن لم يكن ما يمنع هذه المقاربة إلا أن المناهج التربوية قد جعلتها آخر مقاربة تربوية ضمن تصنيف المقاربات الفعالة في التدريس، والأكثر حافزية على التعلم، فالدارسون والباحثون تحدثوا بإسهاب عن ضعف هذه المقاربة حتى أن بعضهم وصفها بطريقة التسليع التربوي، الذي يجعل شكل العملية التعليمية- التعليمية هنا تعليمية.

إن المدرس في حالتنا هذه لا يتمتع بشخصية قيادية داخل الفصل حيث أصبح سلوك المتعلم الكثير التحدث وحكي أمام المدرس وليس فقط خلف ظهره، وهنا ما يطرح سؤالا جوهريا حول آلية تقديم المحتوى للمتعلمين، هل طريقة تقديم الدرس مع حاجيات المتعلمين والمتعلمات؟ فالدرس مهما كانت جدته (جديدا) وحيويته لا يمكن أن تجد إقبالا إلا من طرف متعلم قادر على التفاعل معها متفاعل مع مُقدِّمها، فقيادة القسم ليست شخصية قوية صلبة ولا هي معارف غزيرة، وإنما هي التي تستطيع أن توظف أكبر عدد ممكن من أفراد المجموعة في بناء الدرس، وإن المدرس هنا ليس مطلوبا منه أن يكون موهوبا وذا شخصية بل السبب في ما هو فيه عدم بحثه عن بناء الشخصية القيادية التي هي من سمات المدرس، ثم إنه ليس مطلعا بقدر الإمكان على تقنيات وأساليب توظيف جماعة القسم.

إن المدرس ينتهج العنف وسيلة لضبط القسم، والعنف نتائجه عكسية دائما، فهذا مم ينمي العنف سلوكا عند المتعلم وسينعكس على سلوكه في معاملاته مع من يملك ه سلطة عليهم سواء في هذا الوضع أو في وضع بعده (في سنواته المقبلة)، ويكون هذا بسبب افتقاد المدرس آليات المقاربة المتزنة والناجعة المتمثلة عند المدرس موضوع حالتنا في الجانب التشريعي، إذ منعت كل القوانين العنف سواء المواثيق الدولية في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، أو المحلية في المذكرة الصادرة من وزارة التربية الوطنية في يناير 2015 بشأن التصدي للعنف داخل المؤسسات التربوية، وهو مم يعني اخلال المدرس بالقانون التنظيمي لوزارة التربية الوطنية والذي يعرضه للمساءلة القانونية.

ثم إن المدرس يطرد المتعلم من الفصل، وهذا أقصى عقاب يتعرض له المتعلم في مراحله المتعدد بحيث إن سلوك طرد المتعلم من الفصل أخطر من كل ما سبق سواء تربويا أخلاقيا أو قانونيا، فمنع المتعلم من الحصة سيؤدي به إلى عدم المواكبة وهو ما سيطرح له مشكلا في امتحانات وخصوصا أن الدروس مترابطة ومبني بعضها على بعض.
زد على ذلك أن إبعاده من جماعة الفصل سينمي عنده السلوك التمرد على جماعة القسم وهو ما يسير به نحو الانفصال التدريجي، وهو في أحسن الأحوال سيرسب لأنه كلما استمر الوضع في هذا المنحى سيعتبر أن هذه الجماعة لا تنسجم مع تطلعاته ولا تستحقه.
وتواجده داخل المؤسسة في نفس الفترة الزمنية سيكون غير قانوني بمعنى أن سيخرج خارج مؤسسة التربية إلى الشارع وفي الشارع سيجد الكثير من الأذرع التي ستستقطبه نحوها وهي إما في اتجاه المخدرات وغيرها، وقد تقع له حادثة فيتحمل المسؤولية عن ذلك مسببها بالأساس.

أما المتعلم بالنظر إلى سنه (هنا تحدد السلك لارتباطه بنوع النمو)، فهو يتحدث كثيرا أي أن دكاءه مرتبط باللغة وذلك من خلال الحكي ورواية المقاطع المسرحية، وهذا ما يجعه قادرا على السيطرة على جماعة القسم، فقدرته على السيطرة هذه ناتجة من توظيفه لها أفضل من المدرس عند توظيف طريقة بناء الدرس، فيحصل الاهتمام به من طرف المتعلمين الآخرين، وهذا يدفعه لتوظيفها في حال افضل من سابقه ليحافظ على مكانته داخل الجماعة الصفية وإن كانت تنتهي بشكل إبعاده منها إلا أنه يعيد ذلك ويكرره لما يجد من استحسان من المتعلمين خارج الفصل حين يكون المدرس داخل فصله بعيدا من المجموعة، ثم لا يكون له حينها سلطة عليها، بل ليس من المستبعد أن يقتدي به آخرون مالوا نحوه حتى يصبح هو قائد تلك المجموعة الحقيقي، فيما لا يملك المدرس غير آلية القمع وسيلة لفرض السيطرة أمرا واقعا.

حلول للمعالجة

(هنا الجانب الإيتيقي ما ينبغي أن يكون من السلوكيات المقبولة)
يتوجب على المدرس بصفته المسؤول عن الإدارة الصفية وقائد المجموعة أن يتحمل مسؤوليته اتجاه هذا الصف لما لذلك من عواقب على المتعلمين والمتعلمات مستقبلا وذلك من خلال ما التالي:

يُلزم المدرسَ تغيير طريقة تدريسه، وذلك باعتماده دمج الحكي وسرد القصص التربوية حصصَه، أو تكليف المتعلم المذكور سابقا بهذا الفعل مع تحديد نوع القصة أو الحكاية وحتى من بعض المتعلمين الذين يمتلكون القدرة على فعل ذلك مع تحديد الزمن لها ضمن التخطيط الذي يضعه المدرس للحصة، وإدخالها العملية التعليمية التعلمية الحكي يكسب جماعة القسم انسجاما بحيث يستفيد من هذا الذكاء الملاحظ عنده في القسم مع توجيهه لما يخدم عملية التعليم والتعلم، وبما أن حكي المتعلم يتوجه إلى مسرحيات مشاهدة فهذا نوع راق من المشاهدة إذ المسرح مساعد في الأنشطة التربوية مدعم قوي لها في كل مراحل المتعلم الدراسية، وهذا ما يدفع المدرس هنا إلى طرح أدوار مسرحية على المتعلمين سواء في بناء الدرس من أجل تحفيزهم أو تمثيل مسرحية كاملة غياتها تنمية قدراتهم اللغوي و الحركية، الفنية ...إلخ

وقد يدعم المدرس من هذا التوجه الجديد باقتراحه لنادي المسرح أو دعوته المتعلمين المهتمين للانتماء عليه مع الحرص على أن هذا النادي يلجه كل من توفرت فيه الشروط الأساسية مثل الانضباط والمواكبة في جميع الحصص مع السمعة الجيدة عند باقي المدرسين انطلاقا من تاريخ محدد حتى يسمح للمتعلمين بتحسين مستوى سلوكهم المطلوب.

كما يلزم المدرس تغيير نمط تدريسه وتجريب مع تقويم النمط التشاركي الديمقراطي من خلال التنويع بين المهام المفتوحة والمغلقة حسب نوع الدرس الذي سيتعرض له. وهذا يتأتى بضرورة الانفتاح على المدرسين والمدرسات داخل المؤسسة من خلال دعوتهم لحضور حصصه وتقديم النصح له بعد انتهاء الحصة فهذه الطريقة وإن كان يجد فيها الكثيرون الإحراج لمعرفتهم اليقينية بأن المثالية لا توجد في الإنسان ولكنها تصل بهذه الطريقة بالمدرس مدارج السالكين سبل المثالية.

ولهذا نكون قد وصلنا لنهاية موضوع مثال تطبيقي لدراسة حالة تربوية، وإلى لقاء آخر مع موضوع جديد على مدونتكم محيط المعرفة.

6 تعليقات

  1. موضوع مفيد وممتاز شكرا لكم

    ردحذف
  2. مشكورون على الموضوع الرائع

    ردحذف
  3. موضوع ممتاز وتحليل رائع

    ردحذف
  4. دراسة حالة تربوية بحثنا عنه كثيرا لكننا لم نجده كهذا، فعلا مثال تطبيقي جامع وشامل. كل الشكر لكم

    ردحذف

إرسال تعليق

أحدث أقدم