يطيب لي أن أجدد الترحاب برواد محيط المعرفة الأكارم، مع موضوع جديد من مواضيع الفلسفة، لنواصل رحلتنا مع الفلاسفة عبر العصور. وسيكون موضوعنا لهذا اليوم مميزا، لأنه سيلقي الضوء على أشهر الفلاسفة المسلمين.


تسلسل الفلاسفة المسلمين
تسلسل الفلاسفة المسلمين
بدأت ظاهرة التفلسف في العالم الإسلامي، منذ نهاية القرن الأول الهجري. وبلغت أوجها في القرن الرابع الهجري، وبالضبط في العصر العباسي، ابان حكم الخليفة المأمون. وظهرت بصمة المسلمين واضحة في الفلسفة بتعريفاتهم المختلفة للفلسفة نفسها حيث قال الكندي عنها «"إنها علم الأشياء بحقائقها بقدر طاقة الإنسان؛ لأن غرض الفيلسوف في علمه إصابة الحق، وفي عمله العمل بالحق" كما ربطها المتصوفة بكلمة الحكمة، الموجودة في القرآن والسنة المطهرة. واستخدموها في نعت أعلامهم مثل الحكيم الترمذي.

وانتشرت الفلسفة في كافة ارجاء العالم الإسلامي، نتيجة حركات الترجمة الواسعة، خصوصا للعلوم الإغريقية والهلنستية. وتأثر علماء المسلمين بالفكر الأفلاطوني والأرسطي وبالأفلاطونية المحدثة التي أسسها أفلوطين. وقد استعملها الفلاسفة المسلمين في تأمل بعض الآيات القرآنية العصية على الفهم،  وخصوصا تلك المتعلقة بالذات الإلهية وصفاتها ومعضلة القضاء والقدر و حكم مرتكب الكبيرة، وخلق أفعال العباد، وحرية واختيار المكلّف بالإضافة للخطاب القرآني الذي حث على اعمال العقل في أكثر من موضع،  مما أضفى الشرعية على فعل التفلسف كما كان لدخول أجناس وشعوب مختلفة،  عاشت دهرا طويلا في ظل ديانات ومعتقدات متباينة في الإسلام،  الفضل في إشاعة مناخ فكري ثري بالرؤى والسجالات الفكرية ، ويمكن أن نقول أيضا أن الفلسفة وفرت لعلماء الإسلام وبالخصوص المعتزلة، ورواد علم الكلام، والمنطق، أدوات وأساليب قوية للرد على المخالفين من المرتدين والمجوس والصابئة والبراهمة .

  الفيلسوف الكندي 185 هـ/805 - 256 هـ/873)


عربي الأصل من قبيلة كندة الشهيرة  موسوعي الفكر برع في العديد من الميادين من جملتها الفلسفة والفلك والفيزياء والكيمياء والموسيقى والطب والرياضيات وعلم النفس والمنطق الذي كان يعرف حينها بعلم الكلام، كلفه الخليفة المأمون بترجمة التراث اليوناني إلى العربية. فكان أول من تعامل بالمفردات الفلسفية التي أخدها عن الإغريق عمل الكندي على التوفيق بين اللاهوت وعلم الكلام إلا أن النسق الفلسفي عند الكندي غير متماسك بالقدر الكافي وغير مقنع ربما لأنه كان أول فيلسوف عربي مسلم  إلا أنه كان أول من أدخل الفكر الأفلاطوني والأرسطي إلى الساحة الفكرية الإسلامية كما تأثر أكثر بالأفلاطونية المحدثة.وأهم ما يميز فلسفة الكندي هو قوله بأن الله خلق العقل أولا ومن خلاله خلق بقية الموجودات, كما رأى بأن أن النبوة والفلسفة سبيلان متباينان للوصول إلى الحقيقة، وإن كان طريق الفلسفة شاق ويحتاج للكثير من التدريب فإن طريق النبوة يحتاج إلى صفاء القلب والسريرة بالدرجة الأولى.

الفيلسوف الفارابي874م 950 م


من تركستان بإقليم فاراب أظهر الفارابي ولعا شديدا بالعلوم منذ نعومة أظافره فدرس الرياضيات والآداب والفلسفة واللغات وسافر إلى العراق ليستكمل دراسته للفلسفة  والمنطق والطب تميزت حياته بالتقشف والزهد حتى أنه لم يتزوج ويروى أنه كان يسهر الليل لمدراسة العلوم وتصنيفها مستعينا بقنديل الحارس لأنه لم يكن يملك واحدا خاصا به وكان بامكانه وهو المفضل عند سيف الدولة بن حمدان أن يقتني ما يشاء من الضيعات والذهب والفضة. يقول الفارابي في وحدة الحقيقة ”واجب الوجود عقل محض، يعقل ذاته بذاته، فهو عاقل ومعقول في آن واحد.“ إيمانه بوحدة الحقيقة كان يعتقد أن الحقيقة الطبيعية الفلسفية واحدة وليس هناك حقيقتان في موضوع واحد بل هناك حقيقة واحدة وهي التي كشف عنها أفلاطون وأرسطو، وبرأيه أن كل الفلسفات التي تقدم منظومة معرفية ينبغي أن تحذو حذو أفلاطون وأرسطو. ولكن بين أفلاطون وأرسطو تناقض أساسي وكان الفارابي يعتقد أن فلسفة أفلاطون هي عين فلسفة أرسطو ووضع كتاب (الجمع بين رأيي الحكيمين أفلاطون وأرسطو) ففي نظره أن أفلاطون وأرسطو كلاهما يبحثان في الوجود من جهة علله الأولى، وعند أفلاطون الوجود والعلل الأولى هي (المثل) وأرسطو (العلل الأربعة) ولكن الفارابي كان يعتقد في كتابه أنه لا فرق بينهما وحاول أن يوفق بين الفيلسوفين وقدم مجموعة من الأدلة ليقول أن هؤلاء كشفا الحقيقة وكل من جاء بعدهما يجب أن يحذو حذوهما.

الفيلسوف ابن سينا 370 هـ (980م) سنة 427 هـ (1037م).


عالم وطبيب مسلم من بخارى، أوزبكستان حالياً عرف بأمير الأطباء وأبو الطب الحديث في العصور الوسطى. يعتبر الفكر الفلسفي لأبي علي ابن سينا امتداداً لفكر لفارابي وقد أخذ عن الفارابي فلسفته الطبيعية وفلسفته الإلهية أي تصوره للموجودات وتصوره للوجود وأخذ منه على الأخص "نظرية الصدور" وطوّر نظرية النفس وهو أكثر ما عني به. يدعي مخالفوه أنه كان يقول بنفس المبادئ التي دعى إليها الفارابي من قبله كقوله بأن العالم قديم أزلي وغير مخلوق، وبأن الله يعلم الكليات لا الجزئيات، ونفى أن الأجسام تقوم مع الأرواح في يوم القيامة. وقد رد عليه الغزالي في تهافت الفلاسفة في عشرين مجلساً له كفَّره في ثلاث منها وهي قوله بقدم العالم، وعدم المعاد الجثماني، وقوله إِنَّ الله لا يعلم الجزئيات، وبدّعه في البواقي. ومما لا شك فيه أن صحبته لفلاسفة الباطنية (أبو عبد الله النائلي الذي علمه بصغره) قد أثرت في تفكير ابن سينا، وهيأته للدور الذي لعبه في تنشيط تيار الفلسفة واتخاذها موقف التحدي للعقيدة الإسلامية، ومثال على ذلك "نظرية المعرفة" والتي ساوى فيها الفلاسفة مع الأنبياء، وقد خص الفلاسفة بميزة أخرى وهي أن الفلاسفة استمروا في رسالتهم وارتقاء معارفهم في الوقت الذي ختمت النبوة بمحمد.

الفيلسوف صدر الدين الشيرازي  185 - 256 هـ / 805 - 873 م


كان مُحمَّد بن إبراهيم صدر الدين الشيرازي (1571–1640)، المعروف بالمُلا صدرا، فيلسوفًا فارسيًا إسلاميًا وعالم دين ومتصوفًا قاد النهضة الثقافية الإيرانية في القرن السابع عشر. يُعتبر المُلا صدرا النموذج الرائد للمدرسة الإشراقية للفلاسفة المتصوفين، ويَنظر إليه الإيرانيون بوجه عام باعتباره أعظم فيلسوف أنجبته إيران، وقد يكون أهم الفلاسفة في العالم الإسلامي وأكثرهم تأثيرًا في الأربعة قرون الأخيرة. تُسمًّى مدرسته الفلسفية بالحكمة المتعالية. تُكافئ الأهمية التي تمثلها فلسفة المُلا صدرا ونظرته للوجود بالنسبة للفلسفة الإسلامية تلك الأهمية التي اكتسبتها كتابات الفيلسوف الألماني مارتن هيدغر في الفلسفة الغربية إبان القرن العشرين. دمجت فلسفة المُلا صدرا الأصلية بين مصادر مختلفة ونَقّحَتْها فلسفة ابن سينا والفلسفة الإشراقية للسهروردي والطريقة الأكبرية الصوفية لابن العربي والفكر الشيعي وذلك بأسلوب أكثر ابتكاراً وبراعةً من ذلك الذي تبناه الفلاسفة الإسلاميون السابقون. سلك في أزلية المادة مسلكاً وفق به بين الدين والفلسفة وأبدى نظرية سماها "الحركة الجوهرية "وهي نظرية في غاية الغموض والإبهام تكاد تشبه نظرية أينشتاين يعسر فهمها إلا بالإمعان والتدبر العميق في فلسفته واصطلاحه.
وهي أن العالم المادي لا يزال في تجدد مستمر، فالمادة بجوهرهـا في الآن الثاني غير المادة في الآن الأول، وهي متحركة دائماً بحركة جوهرية للهيولى والصورة في كل آن تجدد مستمر.
ولتشابه الصور في الجسم البسيط ظُنّ أن فيه صورة واحدة مستمرة لا على التجدد، وليست كذلك، بل هي واحدة بالحد لا بالعد، لأنها متجددة متعاقبة على نعت الاتصال، لا بأن تكون متفاصلة متجاورة ليلزم تركيب المقادير والأزمنة من غير المنقسمات.
وبهذه النظرية استنتج التوفيق بين الدين والفلسفة، فالدين إنما أراد من الحدوث تجدد المادة وحركتها حركة جوهرية وهي حادثة في كل آن وإن لم يكن لها مبدأ زماني، وهو يوافق العلم فلا اختلاف بينهما إذ كل منهما يقول بالحدوث بهذا المعنى والمبنى، أي تجدد المادة تجدداً جوهرياً.

الفيلسوف الغزالي  450 - 505 هـ


اسمه الكامل أبو حامد محمد الغزّالي الطوسي الملقب ب"حجّة الإسلام"،  ولد في نيسابور كان صوفيّ الطريقةِ، شافعيّ الفقهِ درس الفلسفة، والفقه ، وعلم الكلام، والتصوف، والمنطق، بعد 4 سنوات من التدريس قرر اعتزال الناس والتفرغ للعبادة وتربية نفسه، متأثراً بذلك بالصّوفية وكتبهم، فخرج من بغداد خفيةً في رحلة طويلة بلغت 11 سنة، تنقل خلالها بين دمشق والقدس والخليل ومكة والمدينة المنورة، كتب خلالها كتابه المشهور إحياء علوم الدين كخلاصة لتجربته الروحية، عاد بعدها إلى بلده طوس متخذاً بجوار بيته مدرسةً للفقهاء .لاحظ الغزالي افتتان الناس بالفلسفة إلى الحد الذي جعلت الناس يشككون في ثوابت الدين فانحلت الأخلاق وفسد نظام الحكم. فعكف على دراسة الفلسفة لأكثر من سنتين، حتى استوعبها وفهمها، وأصبح كواحد من كبار رجالها، يقول عن نفسه: «ثم إني ابتدأت بعد الفراغ من علم الكلام بعلم الفلسفة، وعلمت يقيناً أنه لا يقف على فساد نوع من العلوم، من لا يقف على منتهى ذلك العلم، حتى يساوي أعلمهم في أصل ذلك العلم.. فشمرت عن ساق الجد في تحصيل ذلك العلم من الكتب. ثم لم أزل أواظب على التفكر فيه بعد فهمه قريباً من سنة أعاوده وأردده وأتفقد غوائله وأغواره، حتى اطَّلعت على ما فيه من خداع، وتلبيس وتحقيق وتخييل، واطلاعاً لم أشك فيه» تناول الغزالي الفلسفة بالتحليل التفصيلي، وذكر أصنافهم وأقسامهم، وما يستحقون به من التكفير بحسب رأيه، وما ليس من الدين، بذلك اعتُبر الغزالي أول عالم ديني يقوم بهذا التحليل العلمي للفلسفة، وأول عالم ديني يصنّف في علومهم التجريبية النافعة، ويعترف بصحة بعضها. إذ قسّم الغزالي علوم فلاسفة اليونان إلى العلوم الرياضية، والمنطقيات، والطبيعيات، والإلهيات، والسياسات، والأخلاقيات، وكان أكثر انتقاد الغزالي وهجومه على الفلاسفة ما يتعلق بالإلهيات، إذ كان فيها أكثر أغاليطهم بحسب الغزالي، وقد كفّر الغزالي فلاسفة الإسلام المتأثرين بالفلسفة اليونانية في 3 مسائل، وبدّعهم في 17 عشر مسألة، وألّف كتاباً مخصوصاً للرد عليهم في هذه ال 20 مسألة سمّاه "تهافت الفلاسفة"، هاجم الفلاسفة بشكل عام والفلاسفة المسلمون بشكل خاص، وخاصة ابن سينا والفارابي فقد هاجمهم هجوماً شديداً، ويُقال إنه قضى على الفلسفة العقلانية في العالم العربي، منذ ذلك الوقت ولعدة قرون متواصلة. فجاء بعده ابن رشد فرد على الغزالي في كتابين أساسيين هما "فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال"، ثم "تهافت التهافت".

الفيلسوف ابن باجة 487 - 533 هـ / 1095 - 1138 م


نشأ ابن باجة في سرقسطة بالأندلس واهتم بالطب والرياضيات والفلك والادب والموسيقى كما عين قاضيا بمراكش عمد ابن باجة إلى العودة بالفلسفة إلى أصولها الأرسطية الخالصة كما هي في كتب أرسطو مبتعدا عن أفكار العرفان والأفلاطونية المحدثة فكان بذلك أحد أفراد تيار تجديدي أندلسي حاول فصل الأفكار العرفانية التي اختلطت كثيرا بالفكر الإسلامي والذي بدأ بمشروع ابن حزم الذي عمد إلى تأسيس منهج العودة إلى الأصول واستبعاد القياس في الفقه واستأنف بعد ابن باجه بابن رشد الذي عمد إلى فصل نظام البيان الفقهي عن نظام البرهان الفلسفي. بمصطلح آخر فصل الدين عن الفلسفة كأنظمة استنتاجية وربطهما عن طريق الغايات والأهداف. يمكن أن يطلق على فلسفة ابن باجّه اسم «علم الإنسان» فقد كان جل ما تناوله فيها يبحث في ميدان الإنسان، والفكرة الأساسية التي أضافها إلى التراث الفلسفي هي ما يتصل باتحاد العقل الفعّال بالإنسان. إذ ينطلق من أن الإنسان يرقى من حالة نباتية وهو جنين، إلى حال حيوانية حين يشتهي، فإلى حال إنسانية حين يعقل. والمعقولات عنده صور روحانية، ولها دورها الهام في عملية الإدراك. وغاية النظر في الفلسفة الأخلاقية عند ابن باجه، أن يبلغ العالم مرحلة يدرك بها جميع المعقولات. ومن يبلغ أن العقل والمعقول واحد يكون بلغ بذلك الحياة الآخرة والسعادة القصوى الإنسانية المتوحدة.


الفيلسوف ابن رشد 520 - 595 هـ /


ولد ونشأ بالأندلس  وبرع في العديد من العلوم والميادين كالطب والفلسفة والفقه والقضاء والفلك والفيزياء, آمن  ابن رشد بسرمدية الكون كما قال بأن الروح منقسمة إلى قسمين اثنين: القسم الأول شخصي يتعلق بالشخص والقسم الثاني فيه من الإلهية ما فيه. وبما أن الروح الشخصية قابلة للفناء، فإن كل الناس على مستوى واحد يتقاسمون هذه الروح وروح إلهية مشابهة. ويمكن اعتباره شارحا لأرسطو أكثر من كونه فيلسوفا مبدعا ولقد أثَّر على فلاسفة أوروبا بفلسفته أكثر من أرسطو نفسه. ودون ريب، فإن ابن رشد هو مؤسِّس الفكر الحر: فقد فتح أمام علماء أوروبا أبواب البحث والمناقشة على مصاريعها؛ لذا فإنه أخرجها من ظلمات التقييد إلى نور العقل والتفكير. دارت فلسفته حول قِدَمِ العالم وعلم الله وعنايته والمعاد وحشر الأجساد. فعنده أن العالم مخلوق وأن الخلق خلق متجدد، به يدوم العالم ويتغير، وأن الله هو القديم الحقيقي، فاعل الكل وموجِده، والحافظ له، وذلك بتوسط العقول المحرِّكة للأفلاك. وعنده أن الله عقل ومعقول معًا، وأن علم الله منزَّه عن أن يكون علمًا بالجزيئات الحادثة المتغيرة المعلولة أو علمًا بالكلِّيات التي تُنتزَع من الجزئيات. فكلا العلمين بالجزئيات والكليات حادث معلول؛ أما علم الله فعلم يوحِّد العالم ويحيط به. فيكفي أن يعلم الله في ذاته الشيءَ ليوجد ولتدوم عناية الله به وحفظُه الوجود عليه. وعنده أن العقل الفعَّال، الذي يُفيض المعقولات على العقل الإنساني، أزلي أبدي. والعقل الإنساني، بحكم اتصاله بالعقل الفعَّال وإفاضة هذا العقل عليه، أبدي هو الآخر. أما النفس فصورة الجسم، تفارقه وتبقى بعده منفردة. وأما الجسد الذي سيُبعَث، فهو ليس عين الجسد الذي كان لكلِّ إنسان في الحياة، وإنما هو جسد يشبهه، وأكثر كمالاً منه. وقد قَصَرَ الخلود على عقل البشرية الجمعي الذي يغتني ويتطور من جيل إلى آخر. وقد كان لهذا القول الأخير دورٌ كبير في تطور الفكر المتحرِّر في أوروبا في العصرين الوسيط والحديث. وأكد ابن رشد على أن الفضيلة لا تتم إلا في المجتمع.


إخوان الصفا القرن الثالث الهجري / القرن العاشر الميلادي


انبثقت جماعة إخوان الصفا تحت تأثير فكر مذهب الإسماعيلية في البصرة في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري وكانت اهتمامات هذه الجماعة متنوعة وتمتد من العلم والرياضيات إلى الفلك السياسة وقاموا بكتابة فلسفتهم عن طريق 52 رسالة مشهورة ذاع صيتها حتى في الأندلس. ويعتبر البعض هذه الرسائل بمثابة موسوعة للعلوم الفلسفية. كان الهدف المعلن من هذه الحركة "التضافر للسعي إلى سعادة النفس عن طريق العلوم التي تطهر النفس". من الأسماء المشهورة في هذه الحركة كانت أبو سليمان محمد بن مشير البستي المشهور بالمقدسي، وأبو الحسن علي ابن هارون الزنجاني

تأثر إخوان الصفا بالفلسفة اليونانية والفارسية والهندية وكانوا يأخذون من كل مذهب بطرف ولكنهم لم يتأثروا على الإطلاق بفكر الكندي واشتركوا مع فكر الفارابي والإسماعيليين في نقطة الأصل السماوي للأنفس وعودتها إلى الله وكان فكرتهم عن منشأ الكون يبدأ من الله ثم إلى العقل ثم إلى النفس ثم إلى المادة الأولى ثم الأجسام والأفلاك والعناصر والمعادن والنبات والحيوان. فكان نفس الإنسان - من وجهة نظرهم - جزءا من النفس الكلية التي بدورها سترجع إلى الله ثانية يوم المعاد. الموت عند إخوان الصفاء يسمى "البعث الأصغر"، بينما تسمى عودة النفس الكلية إلى الله "البعث الأكبر". وكان إخوان الصفا على قناعة إن الهدف المشترك بين الأديان والفلسفات المختلفة هو أن تتشبه النفس بالله بقدر ما يستطيعه الإنسان, وذلك أن علم الله محيط بما يحوي العقل من المعقولات، والعقل محيط بما تحوي النفس من الصور، والنفس محيطة بما تحوي الطبيعة من الكائنات، والطبيعة محيطة بما تحوي الهيولى من المصنوعات، فإذا هي أفلاك روحانية محيطات بعضها ببعض.


 للاطلاع على باقي فلاسفة العصور السابقة إليكم الروابط التالية:

1. تسلسل فلاسفة الفترة الماقبل سقراطية
2. تسلسل فلاسفة الفترة السقراطية
3. تسلسل الفلاسفة الهيلينيستيين
4. فلاسفة العصر الروماني
5. فلاسفة العصور الوسطى 1
6. فلاسفة العصور الوسطى 2          

المصادر والمراجع

    يحيى هويدي " مقدمة في الفلسفة"
    رسائل الكندي الفلسفية
    محمد عابد الجابري" تكوين العقل العربي"
    "تهافت الفلاسفة" أبو حامد محمد الغزّالي
    رسائل إخوان الصفا
    كتاب  "آثر ابن رشد في فلسفة العصور الوسطى" لزينب محمود

التعاليق

أحدث أقدم