حدثت أزمة سياسية في شمال افريقيا، بين أبناء حليف روما القديم مسينيسا ادهربال وهيمسبال وابن عمهما يوغرطا Jugortha، أدت إلى تجدد القتال في جبهة إفريقيا بعد أن كانت روما تظن أنها قد انتهت وإلى الأبد من قضية افريقيا بتدمير قرطاج.
Jugortha
Jugortha

وقد قسم مسينيسا مملكته قبل وفاته بين ابنيه وابن عمهما سنة 118 ق.م، ولكن المنافسات قامت بين الثلاثة، فتمكن يوغرطا من القضاء على هيمسبال, وهزم جيوش ادهربال والتجأ هذا الأخير إلى روما، التي أرسلت بعثة لتقسيم المملكة بين المتنافسين ولكن يوغرطا لم يكتفي بنصيبه، بل أخذ يفتعل الأحداث لمهاجمة مملكة ابن عمه وحاصره في مدينة سيرثا Certha واستولى عليها. وكان يقيم فيها بعض التجار الايطاليين، فقام يوغرطا بالقضاء عليهم بحجة مناصرتهم لأدرهبال سنة 112 ق.م. وعندما وصل الخبر إلى روما ثارت ثائرة مجلس الشيوخ واعضائه الارستقراطيين الذين استغلوها فرصة لإعلان الحرب على يوغورطا وأرسلوا جيشا بقيادة بستيا سنة 111 ق.م. ولكن يوغورطا استطاع رشوته واقناعه بالعدول عن الحرب.  

وبناء على اقتراح أحد القضاة الشعبيين استدعي يوغرطا إلى روما،  للإدلاء بشهادته بشأن تصرفات القناصل والمسؤولين الرومان الّذين ارسلوا إلى افريقيا وارتشائهم، ولكنه استطاع رشوة أحد المحامين الذي استخدم حق النقض (الفيتو) فانقذه من الشهادة، ولكن القنصل اليينوس دفع أحد الأمراء الجزائريين(النوميديين) للمطالبة بعرش نوميديا ولكن يوغورطا أرسل له من قتله، وعندما افتضح أمر الجريمة أمر يوغورطا بمغادرة روما، وفي طريقه خارجا القى نظرة ازدراء على روما وقال عبارته الشهيرة التي أصبحت مثلا "مدينة للبيع توشك أن تزول بسرعة إن وجدت من يشتريها"   

فقام القنصل البينوس بقيادة جيش ليتبعه إلى افريقيا لكن يوغورطا استطاع أن يهزم الجيش الروماني ويأسر القنصل البينوس نفسه، سنة 109 ق.م ولكن مجلس الشيوخ رفض الاعتراف بالهزيمة والموافقة على الصلح الذي قبل به القائد البينوس وأرسل جيشا ثانيا بقيادة ميتيلليوس, الذي استطاع احتلال مدينة فاكا واتخذها مقرا لجيشه كما استطاع هزيمة يوغورطا في عدة مواقع ليتحول هذا الأخير إلى حرب العصابات بين جبال الجزائر وأوديتها، كما تحالف مع والد زوجته بوكوس ملك مراكش.

وفي هذه المرحلة الحرجة وصل ماريوس القائد المحنك في الجيش الروماني في إفريقيا إلى مرتبة قنصل الذي ادخل بعض الإصلاحات على الجيش، ففتح التجنيد للطبقات الشعبية واتم الاستعداد إلى حرب يوغورطا وأبحر بجيشه سنة 107 ق.م وكان من بين مساعديه القائد سلا Sulla ، واستطاع ماريوس أن يوقع بخصميه يوغرطا وبوكوس في موقعتين هامتين، لكنه أدرك أن نهاية الحرب لن تصبح ممكنة إلا إذا استطاع الإيقاع بين الحليفين، فأرسل سلا إلى بوكوس لمفاوضته واقناعه بتسليم يوغرطا فوازن بوكوس بين التخلص من يوغورطا، ومعاداة الرومان إلى الأبد، فوجد أن مصلحته تقضي بتسليم يوغورطا إلى الرومان، وفعلا تمكن من الإيقاع به، فقام بوكوس بتمثيل دور الخيانة كاملا واستدرج يوغرطة إلى كمين وسلمه للقائد الروماني سلا سنة 104 ق.م فارسل ماريوس بيوغرطا إلى روما ليعرض في موكب الظفر ثم سجن في حمام وترك يموت دون طعام بعد ستة أيام كاملة.

ويشير المؤرخون إلى أنه ظل متماسكا ساخرا من الرومان حيث صاح "ما أشد برودة أفرانكم" إشارة إلى المكان الذي وضع فيه وقامت روما بتقسيم افريقيا مرة ثانية بإعطاء الجزء الشرقي لأخ غير شقيق ليوغرطا، والجزء الغربي لبوكوس مكافأة له على خيانته.       

التعاليق

أحدث أقدم