بسم الله الرحمان الرحيم

  قراء مدونة محيط المعرفة الأعزاء، سلام الله عليكم يسعدني في مقالة اليوم أن استكمل معكم باقي أساليب الإقناع، والتي ذكرنا منها حتى الآن: البرهان الاجتماعي، والسلطة، والمحبة، وأسلوب التشابه. وقد رأينا أن هذه الأساليب هي عبارة عن أسلحة خفية تعتمد على استغلال بعض الثغرات النفسية والعاطفية لذا الإنسان لإجباره بطريقة ناعمة على تحقيق رغبات ثلة من المحتالين يطلق عليهم اسم محترفي المطاوعة.
كتاب علم نفس الإقناع لسيالديني

قانون التبادل:

هذا القانون بسيط للغاية لكنه فعال ويقوم هذا الأسلوب على جعل الطرف الأخر مدينا له ولو بشيء رمزي, ويرغمه في ما بعد على تحقيق مآربه ولو كانت أضعاف ما قدمه له, فمبدأ التبادل يملي علينا أن ندفع بلطف مقابل ما قدمه الشخص الآخر لنا.

إن علماء الاجتماع مثل الفين غولدنر أمكنهم أن يقروا بعد دراسات مستفيضة، أنه لا يوجد مجتمع بشري لا يخضع لهذا القانون لأنه متغلغل في كل المبادلات البشرية، وقد عزى عالم الآثار المرموق ريتشارد ليكي ,أن ماهيتنا كبشر تعود الى النظام التبادلي فيقول: نحن بشر لأن أسلافنا قد تعلموا أن يتشاركوا الطعام والمهارات ضمن شبكة محكمة من الالتزام. وينظر العالمان في أصول الإنسان ليونيل تايغر وروبن فوكس إلى شبكة المديونية هذه على أنها آلية تأقلم فريدة في النوع البشري, فهي تسمح بتقسيم العمل وتبادل الخدمات وإيجاد شبكة مبنية على اعتماد الفرد على الآخر مما يجمع الأفراد مع بعضهم في وحدة فاعلة.
لقد نظرنا للجانب المشرق والإنساني  من مبدأ التبادل, إلا أن محترفي المطاوعة تنبهوا لدوره الخطير في بناء النسيج المجتمعي وبصمته التي يتركها داخل النفس البشرية فقاموا كالعادة باستغلال المبدأ كما يريدون هم.

"هير كريشنا" طائفة دينية شرقية، يمكن تتبع جذورها التي تمتد الى مئات السنين في مدينة كالكوتا الهندية، لها قصة غريبة ومثيرة  في السبعينات من القرن الماضي حققت ثروة هائلة من استجداء العابرين، فقد كانوا يجوبون شوارع المدن حليقي الرأس يرتدون جلابيب فضفاضة وأغطية رجل يحملون سبحات وأجراس يستجدون التمويل في امريكا، وبما أن الامريكيون لم يتعودوا شكلهم ونمطهم في الحياة اتخذوا موقفا دفاعيا منهم، فكان على الجماعة أن تجد أسلوبا خاصا لكسب مطاوعتهم ,فكان الحل مبدأ التبادل فكانوا يستعملون استراتيجية (المعطي قبل المتسول)فكانوا يضعون وردة في يد العابرين ليجدوا أنفسهم داخل فخ مبدأ التبادل فإما أن تبادل المعروف أو تغذوا نذلا قذرا.

فبالرغم من أن هذا المبدأ يحدد ماهيتنا كبشر إلا أن له وجها آخر قبيح يستغلنا الآخرون من خلاله لإعادة توجيهنا نحو قطيع المغفلين.
                                                                             
بقلم الأستاذ : هشام بوتشيشي


2 تعليقات

إرسال تعليق

أحدث أقدم