اخوتي الأعزاء سلام الله عليكم. 
وأنا أتصفح بعض المواقع الدينية استرعى اهتمامي أحد الأعضاء من ذوي النزعات الإلحادية يطرح سؤالا غريبا بعض الشيء والغرض منه ادخال الشك والريبة إلى قلوب الشبيبة المسلمة كان السؤال كالتالي: إذا كان الله عادلا ومنصفا كما تزعمون فلماذا لم يسألني ويخيرني قبل أن يخلقني خصوصا وأن نتيجة الامتحان سيتوقف عليها مصيري إما الجنة أو النار، ألا يعتبر تعسفا إلقاء تلميذ داخل قاعة الامتحان رغما عنه ؟؟؟

استهجنت السؤال ولكن رغم ذلك بدأت أبحث في كتب المفسرين وأقوال الرسول (ص) عن جواب شاف ومقنع لهذا السؤال المريب.
هل خيرني الله تعالى قبل أن يخلقني ؟؟؟
هل خيرني الله تعالى قبل أن يخلقني ؟؟؟

عرض الأمانة على السماوات والأرض والجبال والإنسان :

قال تعالى
( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) الأحزاب / 72.
كل كتب التفسير تتفق على أن تفسير الأمانة هو القيام بالتكاليف الشرعية وهذا قول ابن عباس والحسن البصري ومجاهد وسعيد بن جبير والضحاك وابن مزاحم وابن زيد وأكثر المفسرين. وتعني كذلك الاستخلاف ومسؤولية الاختيار فالملائكة الكرام مجبورون على الطاعة وبلغة العصر مبرمجون على تنفيذ الأوامر الإلاهية شأنها شأن الجبال والكواكب والنجوم والسماوات فكلها تفعل ما تومر لأنها رفضت أمانة ومسؤولية الاختيار والمفاضلة بين الخير والشر إلا الإنسان فقد قبل هذه المسؤولية العظيمة وهذا يحيلنا على  السؤال الأهم هل عرضت علينا فردا فردا أم أبونا آدم عليه السلام ناب عنا جميعا في اتخاذ القرار؟؟

ما حكاية ميثاق زمن الذر؟؟

قال تعالى:
(وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ ) الأعراف(172)
 قال أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية  قال: "فجمعهم له يومئذ جميعا، ما هو كائن منه إلى يوم القيامة، فجعلهم أرواحا ثم صورهم ثم استنطقهم فتكلموا، وأخذ عليهم العهد والميثاق، وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم؟ قالوا: بلى. قال: فإني أشهد عليكم السماوات السبع، والأرضين السبع، وأشهد عليكم أباكم آدم أن تقولوا يوم القيامة: لم نعلم بهذا اعلموا أنه لا إله غيري، ولا رب غيري، فلا تشركوا بي شيئا، وإني سأرسل إليكم رسلا يذكرونكم عهدي وميثاقي، وأنزل عليكم كتبي. قالوا: نشهد أنك ربنا وإلهنا، لا رب لنا غيرك، ولا إله لنا غيرك. فأقروا له يومئذ بالطاعة، ورفع أباهم آدم فنظر إليهم، فرأى فيهم الغني والفقير، وحسن الصورة ودون ذلك. ورأى فيهم الأنبياء مثل السرج عليهم النور، وخصوا بميثاق آخر من الرسالة والنبوة "

من هذا كله نستنتج أن الله استنطقنا واحدا واحدا، وعرض علينا الأمانة وقبلناها وعرفنا ما نحن مقبلون عليه. لكي لا يكون لنا حجة على الله يوم القيامة، أما سبب عدم تذكرنا لهذا الموقف فلأن الله قد مسح هذا الحدث من ذاكراتنا لأن الاختبار يستوجب إخفاء عناصر الإجابة وإلا لما كان امتحانا. ورغم ذلك فقد ترك الله لنا الفطرة، تلك النزعة الداخلية الباحثة عن الخيروالنافرة من الشر، والحساسة لوجود الله كبوصلة توجهنا إليه في أحلك الظروف.

وكيف ما كان الحال فحكمة الله أبعد ما تكون عن حدود ادراكنا المشوش، والتعامل مع الله بندية هو نوع من تجاوز حدود الأدب مع الله فهو الوحيد الذي يسأل ولا يسأل عما يفعل جل وتبارك في علاه.

التعاليق

أحدث أقدم