نجدد ترحيبنا بمتابعينا الأوفياء
في آخر مواضعنا بقسم تربويات تطرقنا إلى موضوع التحفيز التربوي تعريفه وعوامله ودور المدرس فيه، وموضوع اليوم سنخصصه للحديث عن نهج التعلم والنهج البيداغوجي.
نهج التعلم والنهج البيداغوجي
نهج التعلم والنهج البيداغوجي

يشكل نهج التعلم والنهج البيداغوجي فيما بينهما ثنائيا يستوجب تفاعلات أساسية. وحسب علم نفس المعرفة، يعتبر التعلم والتعليم نشاطين من أنشطة معالجة المعلومات. فالتلميذ يعالج معلومات وجدانية ومعرفية. أما بالنسبة للمدرس، فهو يعالج معلومات مرتبطة بمحتوى المادة المقررة في برنامج الدراسة. كما يعالج كذلك معلومات تتعلق بتسيير الفصل، وكذا المعلومات المرتبطة بالمكونات العاطفية والمعرفية للتلميذ. فالمصلحة تقتضي إذن أن يكون نهج التعليم مساعدا لنهج التعلم.
وسنستند على مقاربة بنائية أو معرفية للتعلم لنقدم فيما يلي ثلاث مراحل إعداد وإنجاز ودمج ثنائية التعليم والتعلم.

مرحلة الإعداد:

إن مرحلة الإعداد أساسية فيما يتعلق بالتزام التلميذ بدوره. والواقع أن التلميذ يكون في هذه اللحظة أمام هدف جديد. وتستوجب المرحلة الأولى من التلميذ تذكيرا بالأنشطة السابقة من أجل إبراز المعارف والمهارات والكفاءات المكتسبة. وتسمح هذه الفترة المهمة بربط مرحلة تعلم بمرحلة سابقة. ويجب على التلميذ خلال هذه المرحلة أن يستذكر نتائج النشاط السابق بشكل يسمح له بولوج النشاط الجديد مرتكزا على قاعدة معروفة. ويجب عليه بعد ذلك أن يجعل الأهداف المقترحة في النشاط الجديد أهدافا له. ولأجل الالتزام بهذه المهمة يجب عليه أن يفهم جيدا ما ينتظر منه، وأن يعتبر نفسه كفؤا وواثقا من نجاحه. وفي هذه المرحلة، يقوم حوار بين التلميذ والمدرس من أجل تخطي الصعوبات، والبحث عن الحلول واستشفاف ما يجب القيام به.
وبالنسبة للمدرس، فإن هذه المرحلة تعود به إلى نشاط أو أنشطة سابقة. فيخلق اهتماما يسهل ولوج التلميذ في هذه العملية الجديدة، فعلى المدرس أن يبيع بضاعته لجلب اهتمام التلميذ ومشاركته. ويجب عليه أن يرجع به إلى معارف ومهارات يتوفر عليها من أجل طمأنته. كما يجب عليه أ، يقترح على التلميذ وضعيات تعلم مثيرة ومشوقة من أجل جلب اهتمامه ورغبته في الإنجاز. وقد سبق لنا وتطرقنا إلى مراحل إنجاز وضعية تعلم.
وتعتبر هذه المرحلة مهمة لفهم الأهداف وإشراك التلميذ في العملية التعلمية.
ويجب أن يتأكد المدرس من جعل التلميذ يربط بين معارفه السابقة وبين الأهداف المتوخاة من معرفة جديدة. وهذه المرحلة الأولى تسمح جيدا بتقييم التوقعات وجعل التلميذ ينخرط في سيرورة التعلم.

مرحلة الإنجاز:

تهتم المرحلة الثانية وهي مرحلة الإنجاز، بصفة خاصة بالتطرق لمحتوى التعلم. وخلال هذه المرحلة يقوم المدرس في إطار أنشطة ذات مغزى، بتشجيع اكتشاف مجموعة من المعارف والاستراتيجيات المعرفية. وهذا الجزء يستوجب إشراكا كبيرا للمدرس بصفته مرشدا ومنشطا ووسيطا ومدربا... 
إن دور المدرس أساسي من أجل مصاحبة التلميذ في نهجه نحو التعلم. وبالنسبة للمدرس فيجب عليه أن يخلق محيطا ملائما وشروطا مناسبة.
وخلال هذه المرحلة، يجب أن تكون مشاركة التلميذ فعالة في النشطة. والمشاركة الفعالة تعني أن التلميذ يقوم باختيارات، ويعبر عن فرضيات، ويخلق روابط بين المعلومات، ويناقش اختياراته وتساؤلاته، ويستشير زملاءه ومدرسه ويرجع إلى الوثائق ، وينظم معلوماته ويحللها ويركبها ويبلغها ... والمهم في هذه المرحلة هو أن التلميذ ينمي استراتيجيات تسهل تعليمه، الشيء الذي يفوق مجرد اكتساب معارف إعلانية (déclaratives).

مرحلة الدمج:

إن الكلمة الجوهرية لهذه المرحلة هي التهديف (objectivation). وهي سيرورة تسمح للتلميذ بمراقبة درجة نجاحه في عمله، ويسمح له بتحديد إنجازاته بالتعرف على نقط قوته ونقط ضعفه، وبتحديد أهداف جديدة للوصول إليها ووسائل لتحقيقها. وفي هذه اللحظة فقط يصبح واعيا بسيرورة التعلم، ويتعرف على استراتيجيات ويعمل على استخدامها في وضعيات مماثلة. وهي اللحظة التي يصبح فيها واعيا بكل ما يتبادر إلى ذهنه.

إن للمدرس دورا أساسيا كمرشد من أجل ضمان نهج فعال للطفل. فيجب عليه أن يجعل التلميذ واعيا بنجاحاته وأن يوجهه نحو الطرق المؤدية إلى الحلول من أجل إكمال وترسيخ ما يتعلمه. إن استخدام التهديف يسمح بتنمية الثقة لدى التلميذ بإبراز مؤهلاته وتقديم نقط الضعف كتحديات يجب التغلب عليها. وفي نهاية هذه السيرورة، يكون التلميذ مستعدا لإعادة استثمار معارفه.

المرجع:
بيداغوجيا الفوارق في الأقسام المتعددة المستويات.
تأليف: مركريت ريوكس - دولان، وجيل بيلتيي.

التعاليق

أحدث أقدم