في هذه الأيام المباركة، نطل عليكم من جديد بمتمنيات بالصحة والعافية ومغفرة الذنوب لكل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، موضوعنا اليوم يتمحور حول الحكمة من محدودية حواسنا, ولا يفوتني أن أذكر قراءنا أنني قد ناقشت موضوع الحواس في موضوع سابق بعنوان العلم يثبت أن العالم الذي نعيش فيه وهم من صنع أدمغتنا.
                                                         
الحكمة من محدودية حواسنا
الحكمة من محدودية حواسنا


بالرغم مما يترتب عن محدودية الحواس في إدراكنا للعالم من حولنا إلا أن في ذلك نعمة لا تقدر بثمن. فكيف تكون صورة العالم لو كنا نرى سطح القمر والكواكب الأخرى، والنجوم والمجرات، أو كنا نرى الإلكترونات تدور في أفلاكها حول البروتونات والنوترونات؟ وكيف تكون حياتنا لوكن نسمع الانفجارات الداخلية للشمس وهياج النجوم في السماء.

أو كنا نسمع أزيز الجزيئات تتحرك في أجسامنا وطعامنا وشرابنا، أو ضجيج المكروبات والبكتيريا والفيروسات من حولنا !وماذا يكون الأمر لو أن أي لمسة بسيطة لجسمك تسبب لك ألما شديدا، لأن حاسة اللمس لديك على درجة عالية من الحساسية، فتصرخ من شدة الألم عندما تصافح صديقك، أوتقفز مذعورا عندما تسقط ريشة على رأسك! وعلى النقيض فإذا لم تحس بالألم إطلاقا فإن حياتك تكون مهددة بالخطر. إذ يمكن أن تحترق أصابعك وأنت لا تحس بها. ويمكن أن تسحق قدمك حتى العظم وأنت لا تعلم بذلك. ويمكن أن تأكل الأورام من جسدك دون أن تحس بالحاجة إلى الذهاب إلى الطبيب!

إن هذا القدر من الإحساس لكل حاسة من الحواس الخمس هو القدر المناسب ليجعل حياتنا طبيعية مريحة. وتلك نعمة من الله نشكره عليها ونحمده. (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) القمر49. وما نود قوله أن حواسنا محدودة وأن إدراكنا للعالم محدود تبعا لذلك، فضلا عن حكمة أخرى تتراءى لنا في هذا الأمر هي: 

إنّ الله سبحانه لم يرد أن يشغل الإنسان عن عبادته، وعن إعمار الحياة بمثل هذا الصخب، وبمثل هذه العوالم التي لن يفيده سماع أصواتها دون فهم لغاتها، ولن يمكّنه فهم لغاتها من التفرغ للغاية التي خُلق من أجلها، وهي العبادة.

التعاليق

أحدث أقدم