قراءنا الأعزاء سلام الله عليكم ,يسر مدونتنا محيط المعرفة طرح موضوع جديد يتعلق بطبيعة الحب وتأثيره على السلوك الإنساني. في خمسينيات القرن الماضي ,كان علماء النفس السلوكيون يسيطرون على الجمعية الأمريكية لعلم النفس ,والذين كانت تجاربهم الكثيرة على فئران المعامل تستهدف إظهار مدى سهولة تشكيل البيئة لمخ الحيوانات الثدية.

 دراسات نفسية تكشف طبيعة الحب
 دراسات نفسية تكشف طبيعة الحب
   وتقول المدرسة السلوكية في علم النفس إن ما يحرك البشر هي دوافعهم الأساسية والمتمثلة في الجوع والعطش والألم والجنس ,أما الدوافع الأخرى بما فيها الحب والعاطفة فليست سوى دوافع ثانوية .وبذلك فقد قلل أتباع هذه المدرسة من قيمة الحب في تربية الأطفال لصالح "التدريب " والذي يرتكز على قانون المثير والاستجابة .
   وقد قلبت ورقة "هارلو" البحثية ,والتي كانت بعنوان "طبيعة الحب" كل ذلك التوجه رأسا على عقب ,حيث برهن البحث على رفض اعتبار الحب "دافع ثانوي" إلى أن اصبح ذلك البحث من أهم البحوث النفسية على الاطلاق.
  لقد اختار "هارلو " العمل على صغار القرود, لأنها أكثر نضجا من الأطفال الرضع ,وأوضح أنه لا يوجد إلا اختلاف بسيط بينها وبين الأطفال الرضع من حيث كيفية رضاعتها ,وتشبثها بأمهاتها واستجابتها للعاطفة واكتشف أن استشعار الخوف والإحباط متشابهة بين الاثنين .كما لاحظ أن غياب تواصل هذه القرود مع أمهاتها يجعلها أكثر تعلقا بوسائد قماشية وضعت داخل أقفاصها وعند تغيير تلك الوسائد بأخرى جديدة على فترات منتظمة كانت صغار القرود تمر بنوبات غضب ,ومن المذهل أن البحث قد كشف  أن صغار القرود التي نشأت في أقفاص معزولة عن أمهاتها ولا توجد بها وسائد قماشية تتعلق بها قلت فرص بقائها على قيد الحياة لأكثر من خمسة أيام ,وكان يعتقد أن وجود أشياء تتشبث بها صغار القرود مسألة إحساس بالراحة فحسب, ومع ذلك فقد كانت تلك الأشياء عاملا مهما في بقائها على قيد الحياة في حالة غياب أمهاتها .كما لاحظ "هارلو" أنه عندما كبرت القرود التي رباها بهذه الطريقة كان لديها الكثير من المشاكل ,فلم تكن تصدر ردود أفعال طبيعية حيث كانت لا تميز بين الأشياء الجامدة والكائنات الحية واتسم  سلوكها بالعدوان المدمر والمتمثل في إيذاء أجسادها .
  أما العالم النفسي المجري "رينيه سبيتز" فقد كان أكثر تطرفا باجرائه تجارب على بني البشر,حيث قارن في دراسته بين الأطفال الرضع الذين تربوا في بيئتين مختلفتين ,حيث تربى أطفال المجموعة الأولى في بيت نظيف مرتب ,لكنه اشبه بعيادة حيث تكتفي المربيات بإطعامهم وتغيير ملابسهم  من دون تواصل عاطفي معهم ,أما أطفال المجموعة الثانية فقد تربوا في حضانة للرضع بأحد السجون وهو مكان مليئ بالحركة حيث يحظى الأطفال فيه بالكثير من التواصل البدني والعاطفي, وفي خلال عامين لم يعاني الرضع الموجودون في حضانة السجن من أية مشاكل في حين  كان ثلث الأطفال الذين تربوا في البيت النظيف قد ماتوا مما ترتب عنه وقف الدراسة وإخضاع الباقين من المجموعة الأولى لعناية مركزة  .
من هنا نستنتج أن الحب والتواصل البدني والعاطفي ضروري لبقاء الإنسان ولا عجب أن يعتبر رواد التنمية البشرية الحاجة للحب من ضمن الاحتياجات العشر للإنسان ,فالتواصل البدني الحميم في الطفولة هو أساس الصحة العقلية والنفسية للراشدين.


                                                                                كتاب طبيعة الحب  "هاري هارلو"

 

التعاليق

أحدث أقدم