رأينا في موضوعنا السابق كيف تحولت دويلات المدينة إلى قوى متصارعة تسعى كل واحدة منها إلى فرض سيطرتها على الأخرى وبالخصوص اسبرطة وأثينا وطيبة مع انتهاج كل منها لنظام حكم مختلف فأثينا مثلا تبنت نظام الحكم الديموقراطي الذي أسسه صولون الحكيم ورسخه كل من كليستيناس و بريكلاس في حين اعتمدت اسبرطة إصلاحات أيكارديوس الداعية إلى خلق مدينة عسكرية بأتم معنى الكلمة حيث لا تستثنى حتى النخبة الحاكمة من الخدمة العسكرية.

سيكون حديثنا اليوم عن العصر الكلاسيكي والذي يمكن أن نعتبره امتدادا للعصر الهليني ويبدأ هذا العصر من انتصار الأثينيين على الجيش الفارسي في موقعة سالاميس عام 480 ق.م ويمتد حتى وفاة الإسكندر المقدوني عام 323 ق.م ويؤرخ العصر الكلاسيكي اليوناني للمرحلة الذهبية للحضارة اليونانية برمتها حيث وصلت الإمبراطورية لأقصى مداها.
العصر الكلاسيكي القرن 5 و4 قبل الميلاد
الاسكندر المقدوني قاهر الامبراطورية الفارسية

الحروب الفارسية 548-468 ق م

قام الإمبراطور الفارسي قورش بإخضاع مملكة ليديا سنة 548 ق.م وأخضع معها المدن اليونانية الواقعة على ساحل آسيا الصغرى، فلم تحفل الدويلات اليونانية بهذا الغزو إلى الحين الذي بدأ فيه قورش يتدخل في نزاعات المدن الاغريقية بشكل متكرر بل وفي أنظمة حكمها وشؤونها الداخلية. الشيء الذي جعل مملكة ميليتوس تقود حلفا ضد الفرس استطاع الصمود من(499-494 ق م). طلبت  ميليتوس الدعم من باقي المدن اليونانية لكن الاستجابة جاءت فقط من قبل أثينا وأريتريا مما مكن الفرس من اخضاع ميليتوس وحلفها وزحفوا نحو أثينا لتأديبها على تدخلها.

فأرسلوا حملة عسكرية ضخمة عام 490 ق.م هبطت في سهل ماراثون على مقربة من أثينا لكن المعركة انتهت بانتصار الأثينين بقيادة ملتيادس. و انسحب الجيش الفارسي ولم يتعرضوا لبلاد اليونان على مدى عشر سنوات لكنهم عاودوا الكرة سنة 480 ق. م وبدأ زركسيس الأول من بلاد فارس وابن وخليفة داريوس الأول، غزوه ، وقد امتدت هذه الجولة عبر سنتين ولم تكن ضد الأثينيين وحدهم وإنما امتدت لتشمل القسم الأكبر من بلاد اليونان كما أنها كانت شاملة برية وبحرية. وأهم مواقع هذه الجولة أربعة. كانت الأولى في مضيق ثرموبيلاى على الساحل الشرقي لبلاد اليونان وقد وقعت سنة 480 ق م وفيها قضى الفرس على كتيبة إسبرطية كان يقودها ملكها ليونيداس. أما الموقعة الثانية فهي موقعة سلاميس البحرية التي دارت في السنة نفسها قرب الشاطئ الشرقي للجزيرة التي تحمل هذا الاسم وتعتبر هذه الموقعة نقطة التحول الرئيسية في هذه الحرب إذ استطاع الأسطول الأثيني بمساعدة عدد من القطع البحرية التي قدمتها المدن اليونانية الأخرى أن يلحق هزيمة ساحقة بالأسطول الفارسي. وقد كانت نتيجة موقعة سلاميس أن انحسر التقدم الفارسي في بلاد اليونان. وتأهب اليونان للهجوم المضاد الذي تمخض عن انتصارها في موقعتين في السنة التالية 479 ق م إحداهما في موقعة برية في بلاتايه قرب حدود أتيكة وكانت بقيادة إسبرطة. والأخرى موقعة ميكالى البحرية التي تمت في نفس الوقت تقريبا بقيادة أثينا عند شواطئ جزيرة ساموس على ساحل آسيا الصغرى. وقد كانت نتيجة هاتين الموقعتين الحاسمتين برا وبحرا إذ جعلت الخطر الفارسي يبتعد عن بلاد اليونان.

ولكن إذا كان الخطر الفارسي قد ابتعد عن بلاد اليونان الأوربية فإن المدن اليونانية الآسيوية كانت لاتزال تحت السيطرة الفارسية. ومن تم فقد أخذت فكرة تحررهم من هذه السيطرة تراودهم من جديد ولم يكن ينقصهم إلا الزعامة.

كانت المدينتان المرشحتان لهذه الزعامة هما إسبرطة وأثينا. ولكن إسبرطة كانت قد انسحبت من دورها القيادي بعد موقعة بلاتايه بسبب خطر السكان الخاضعين في منطقة مسينيا المحيطة بها وبسبب تزعمها للحلف البلوبونيزى الذي كان يتطلب تواجد قواتها العسكرية بشكل دائم. وعلى العكس من ذلك كانت ظروف أثينا أكثر استقرارا بعد أن توصلت في بداية القرن الخامس ق.م إلى النظام الديموقراطي الشعبي، كما كان الاقتصاد الأثيني يعتمد في معظمه على التجارة وفى هذا الصدد يصبح تحرير المدن اليونانية الآسيوية ظرفا مواتيا للازدهار التجاري، كما كانت أثينا قوة بحرية تملك أسطولا ضخما يمكنها من مواجهة الفرس. وهكذا تم تكوين حلف من أغلب المدن اليونانية الواقعة على شواطئ بحر إيجة والموجودة في جزره. وقد تم تأسيس هذا الحلف في شتاء 478-477 ق.م تحت زعامة أثينا وعرف باسم حلف ديلوس نسبة إلى جزيرة تقع في منطقة وسطى فى بحر إيجة. ولإن أثينا كانت أغنى مدن الحلف كما كانت تستطيع أن تقدم أكبر عدد من السفن والقوات العسكرية فقد تركزت إدارة شؤون الحلف في أياديهم وكانت النتيجة المباشرة لهذا الحلف، أن استطاعت أثينا أن تقدم على سلسلة من المعارك والتحركات العسكرية، أبعدت الفرس عن الشواطئ الآسيوية لبحر إيجة. كان أهمها موقعة نهر يوريميدون على الشاطئ الجنوبى الغربى لآسيا الصغرى سنة 468 ق م، وهي الموقعة التي تم على أثرها تحرير كل القسم الجنوبي من المدن اليونانية الآسيوية وانضمامها إلى حلف ديلوس أو الحلف الأثينى.

ولكن بمجرد انحسار الخطر الفارسي بدأت بعض المدن اليونانية، تشعر بأن الحلف قد انتهى مبرر وجوده وحاولت الخروج منه، وهنا كان على أثينا إما أن تستجيب لرغبة هذه المدن أو تجبرها على البقاء وتحول الحلف إلى إمبراطورية أثينية. وقد اختارت اثينا الخيار الثاني وحين خرجت جزيرة ناكسوس من الحلف حاصرها الأسطول المشترك تحت قيادة أثينا وأعادها إلى الحلف بالقوة فكانت هذه المناسبة هى بداية تحول حلف ديلوس إلى إمبراطورية أثينية. وقد كانت مصالح أثينا التجارية هي الدافع الرئيسي وراء تحويل الحلف إلى إمبراطورية أثينية. وفى الواقع فإن الاتجاه نحو السياسة الإمبراطورية قد ساد حتى بين زعماء الحزب الديموقراطي في أثينا خاصة في عصر بركليس الذى اصبح الزعيم الأثيني دون منازع على امتداد ثلاثين عاما قبل أن يموت سنة 429 ق م. وفى عصره تدعمت السيطرة الأثينية على مدن بحر إيجة وانعكس ازدهار أثينا الاقتصادي على شتى مناحي الحياة الأخرى. فشهدت هذه الفترة تقدما في الحركة الفكرية بدت آثارها واضحة في ظهور عدد من المفكرين الذين عرفوا بالسفسطائيين ( أي المشتغلين بالحكمة) كذلك شهد عصر بركليس تشييد عدد كبير من المعابد والأبنية العامة وظهر عدد من الفنانين العظام كان أبرزهم المثال الأثيني فيدياس.

الحروب البلوبونيزية 431- 404 ق م 

وهكذا تكونت الإمبراطورية الأثُينية وتدعم فيها النظام الديموقراطي، وأدى الخطان الإمبراطوري والديموقراطي إلى قدر كبير من الرخاء. واتجهت أثينا إلى تشجيع الأحزاب الديموقراطية في كل المدن اليونانية ولكنها اصطدمت بمعارضة إسبرطة التي كانت تسيطر على الحلف البلوبونيزى، ولها نوع آخر من المصالح الاقتصادية الزراعية تتعارض مع مصالح الطبقات التجارية والصناعية والاتجاهات الديموقراطية الأثينية. وهكذا ظهر نوع من التناقض الأساسي بين هاتين المدينتين الرئيسيتين في بلاد اليونان. سرعان ما انفجر إلى صراع مسلح عندما وجدت أثينا نفسها في حاجة إلى أسواق جديدة إلى جانب أسواق بحر إيجة.

 فاتجهت إلى المياه الغربية بنشاطها التجاري وكادت تكتسح المصالح التجارية لحلفاء إسبرطة مثل كورنثا وميجارة وسيكيون وتهدد اقتصادها، هذه المجتمعات ورغم أن إسبرطة لم تكن لها مصالح تجارية في الغرب فقد استجابت لنداء كورنثا وهكذا بدأ الصدام المسلح بين المدينتين الذى قدر له أن يستمر لثلاثة عقود تقريبا.

 وقد ابتدأ الصدام الأول في سنة 431 ق.م.  واستمرت المواجهة عشرة سنوات وكان مسرحها بلاد اليونان الأصلية في شبه جزيرة البلقان. وقد استنزفت هذه الجولة من الحرب قوى الطرفين دون أن يحقق أحدهما نصرا صريحا على الآخر. وانتهت بصلح نيكاس سنة 421 ق م نسبة إلى الزعيم الأثينى نكياس الذى مثل الجانب الأثينى في توقيع هذا الصلح.

ولكن السلم لم يدم طويلا نتيجة لاعتبارات كثيرة. رأت اثينا أن معاودة المواجهة العسكرية أمرا ضروريا وأرسلت قوة بحرية إلى جزيرة صقلية في الغرب تحت اقتناع أن إخضاع مدينة سيراكوزة عاصمة الجزيرة، وإدخالها في الإمبراطورية الأثينية كفيل بالخنق الاقتصادي للمدن البلوبونيزية ولكن الحملة فشلت نتيجة لفرار قائدها الكبيادس إلى الجانب الإسبرطي وتغييره بقائد آخر أقل كفاءة بحيث انتهت المواجهة بتدمير القوات الأثينية برا وبحرا في 413 ق م.

 أما المرحلة الثالثة من الحروب البلوبونيزية فقد تمت بين الأعوام 406-404 ق م وفيها لجأت إسبرطة إلى طلب المساعدة من الإمبراطورية الفارسية. وحين تم لها ما أرادت ارسلت أسطولها تحت قيادة القائد الإسبرطى ليساندروس للاستيلاء على مداخل البحر الأسود، حيث الخط التجاري الأساسي الذي يمون أثينا بما تحتاجه من قمح. وقد استطاع ليساندروس تدمير الأسطول الأثيني في موقعة إيجو سبوتامى. ولم يكن أمام أثينا إلا الاستسلام لشروط الصلح التي أملاها ليساندروس، والتي كان أبرز نتائجها انفراط عقد الإمبراطورية الأثينية وفشل أول محاولة جادة كان يمكن أن توحد المدن اليونانية.
وبعد الانتصار الإسبرطى الساحق على أثينا في سنة 404 ق م بدأت سيطرة إسبرطة على كل المدن التي كانت تشكل الإمبراطورية الأثينية إلى جانب الدول الأخرى. وبدا وكأن بلاد اليونان مقبلة على نوع من الوحدة أو الاتحاد وإن كان ذلك هذه المرة تحت السيطرة الإسبرطية بدلا من السيطرة الأثينية. لكن هذا لم يحدث بل على العكس فإن القرن الرابع ق م شكل بالنسبة لبلاد اليونان ولنظام دولة المدينة الذى سارت عليه ما يمكن أن نسميه عصر الفوضى أو عصر الانحدار وذلك بسبب ثلاثة عوامل رئيسية أدت إلى هذه النتيجة وهى:

1-الصراعات الداخلية بين المدن اليونانية 404 -354 ق م.

 وفى هذا الصدد ابتدأت إسبرطة منذ انتصارها في 404 ق.م بإحكام سيطرتها على كل المدن التي كانت ضمن الإمبراطورية الأثينية من قبل إلى جانب المدن التي تحالفت معها أثناء حربها مع أثينا. وكانت هذه جميعا تشكل غالبية المدن اليونانية. ولكن معاملة إسبرطة إلى المدن الخاضعة لها وخاصة في آسيا الصغرى كان أسوء كثيرا من معاملة أثينا. كما كان على إسبرطة أن تدفع للإمبراطورية الفارسية ثمن مساعدتها لها في صراعها ضد أثينا والتي طلبت ثمنا لذلك أن تعود المدن اليونانية الآسيوية إلى السيادة الفارسية. وعندما تباطأت إسبرطة في تنفيذ ذلك أخذت الإمبراطورية الفارسية في تأليب المدن اليونانية الآسيوية عليها وكانت النتيجة أن اضطرت إسبرطة إلى عقد صلح مع الإمبراطورية الفارسية سنة 386 ق. م أعادت بمقتضاه معظم المدن اليونانية الآسيوية إلى السيادة الفارسية في سبيل إحكام قبضتها على المدن اليونانية الأوربية وقد مثل ذلك وصمة أدبية لإسبرطة أمام هذه المدن الأخيرة.

كما اثارت في الوقت ذاته مخاوف كثيرة بينهما. كذلك فإن اعتماد إسبرطة على القوة العسكرية في السيطرة على المدن اليونانية كان معناه إبقاء أعداد كبيرة من الإسبرطيين خارج إسبرطة بصفة مستمرة. ونتيجة لهذه الظروف تمكنت مدينة طيبة من القضاء على السيطرة الإسبرطية وهزيمتها في موقعة ليوكترا قرب طيبة سنة 371 ق م. وبعد ذلك بدأت طيبة سلسلة من التحركات العسكرية والسياسية لتفرض سيطرتها على بلاد اليونان لكنها فشلت بدورها.

وفى الوقت الذى تعاقبت فيه سيطرة إسبرطة وسيطرة طيبة على أغلب المدن اليونانية. كانت أثينا تسعى لإقامة حلف جديد على نمط حلفها القديم ( حلف ديلوس) لكن أثينا بدورها لم تحسن معاملة حلفائها، خاصة حين بدأت بعض هذه الدول الخروج من الحلف بعد أن زال الخطر الإسبرطى بعد هزيمة ليوكترا. وقد أدى هذا الوضع المتأزم إلى حرب فعلية بين أثينا وحلفائها انتهت بعقد صلح بين الطرفين في سنة 354 ق م. اعترفت فيه اثينا باستقلال أهم المدن التابعة للحلف ولم تلبث المدن الباقية أن انسلخت بدورها وهكذا فشلت المحاولة الأثينية الثانية لتوحيد بلاد اليونان.

2-انهيار الدويلات اليونانية

وبفشل كل محاولات الوحدة اليونانية تكرست النزعة الانفصالية بين الدول اليونانية ووصلت إلى طريق اللاعودة. كما تعرضت الحياة العامة في داخل المدن اليونانية خلال القرن الرابع ق.م إلى تخلل  في أكثر من جانب من جوانبها. وعلى سبيل المثال فقد تعرضت الموارد الاقتصادية لهذه المدن إلى تناقص ظاهر ومطرد بعد أن شهدت عهدا من الازدهار منذ أواسط القرن السادس ق. م إلى نهاية القرن الخامس ق. م.  وسبب هذا هو أن بعض البلاد التي كانت تشكل الأسواق الخارجية لبلاد اليونان، بدأت تطور منتجاتها لدرجة تكفي احتياجاتها من السلع التي كانت تستوردها من قبل المدن اليونانية. بل أخذت تنافس السلع اليونانية في الأسواق الأخرى.

وقد أدى هذا الوضع الاقتصادي المتدهور إلى انتشار العمل بين اليونانيين كجنود مرتزقة، سواء في الجيوش الأجنبية أو في جيوش المدن اليونانية ذاتها وقد كان هذا الوضع من العوامل الأساسية دون شك في تدهور نظام دولة المدينة، فقد كان في حقيقته وضعا يتقلص فيه معنى المواطنة ويمثل انفصاما بين المواطن والدولة. وقد تعدى هذا الوضع الاقتصادي المتدهور إلى الجانب الساسي أيضا فلم يعد الصالح العام هو الهدف وأصبح هدف كل طبقة تأمين مصالحها الخاصة، دون النظر إلى المصالح العامة للوطن وقد وصل هذا التسيب السياسي مداه في أثينا عندما وصل الأمر بالمواطنين الأثينين أن يقدموا متعتهم الخاصة على صالح الدولة، حين كان الخطر المقدوني غير بعيد بينما كان كل همهم هو الحصول على ما سمى بإعانة المسرح، التي كانت تصرف للمواطنين المحتاجين من الأموال العامة حتى يتمكنوا من حضور الاحتفالات السنوية أو الموسمية بدلا من استخدام هذه الأموال في التجهيز للدفاع عن أثينا عندما كان الخطر المقدوني على الأبواب.

3-تزعم مقدونيا للمدن اليونانية 334-323 ق م

كان الخطر المقدوني هو العامل الثالث الذى أدى إلى القضاء النهائي على نظام دولة المدينة اليونانية. فبعدما استطاعت هذه الدولة المقدونية غنية الموارد والواقعة إلى الشمال من بلاد اليونان مباشرة تحقيق وحدتها السياسية على يد الملك فيليب بعد أن اعتلى عرشها سنة 360 ق.م. أخذت  في التطلع للسيطرة على بلاد اليونان وهكذا بدأ فيليب سياسة لغزو المدن اليونانية منتهزا انقساماتها المستمرة، وحين تنبهت أثينا وطيبة في نهاية الأمر ووحدا قواتهما العسكرية في وجه الغزو المقدوني، كان الوقت قد فات واستطاع الجيش المقدوني أن ينزل بالقوات الأثينية والطيبية المشتركة هزيمة ساحقة عند خايرونيا في شمال منطقة  بويوتيه سنة 338 ق.م وضعت كل بلاد اليونان تحت سيطرة فيليب. ولكن إذا كان المقدونيون قد غزوا بلاد اليونان عسكريا فإن الثقافة اليونانية قد غزت مقدونيا حضاريا. وقد ظهرت نتيجة ذلك بعد سنوات قليلة من سقوط المدن اليونانية أمام فيليب. فبعد موت هذا الملك في 336 ق.م خلفه على العرش ابنه الإسكندر الذى غزا الإمبراطورية الفارسية في خلال تسع سنوات من الانتصارات العسكرية المتواصلة (334 ق م – 325 ق م)فهزم الاسكندر داريوس الثالث الفارسي ودمر تماما الإمبراطورية الأخمينية ثم قام بضمها إلى مقدونيا وكسب لنفسه لقب 'العظيم'. وقد كان اعتماده في غزواته تلك إلى جانب الجنود المقدونية على اليونان. وحين مات الإسكندر في 323 ق.م انقسمت هذه الإمبراطورية إلى عدة ممالك انتقل حكمها إلى قواده الذين اعتمدوا على اليونان في جميع المجالات وهكذا وجدت الفرصة لامتزاج الحضارة الإغريقية(اليونانية) بالحضارات الشرقية في صيغة عرفت باسم الحضارة الهلنستية إشارة إلى المسحة الإغريقية لهذه الصيغة الحضارية الجديدة. وهكذا انتهى تاريخ اليونان القديم وبدأ عصر جديدا وأخيرا في تاريخ هذه الحضارة هو العصر الهلنستي الذى سنتكلم عنه في موضوعنا القادم بمشيئة الله.

التعاليق

أحدث أقدم