كان ويليام جيمس يرى أن علم النفس يستند إلى آليات عمل المخ, ولكن أدوات دراسة هذا العضو الغامض ربما لا تفي بالغرض. ولقد أصبح علم النفس حاليا يكتسب الكثير من أفكاره من المخ نفسه نتيجة التقدم التكنولوجي, وليس من السلوكيات الصادرة عن الإنسان.
علم النفس الحديث بين الوراثة والبيئة
علم النفس الحديث بين الوراثة والبيئة

وقد آثار هذا التأكيد الجديد على علم الدماغ, أسئلة غير مريحة بخصوص الأسس البيولوجية والجينية للسلوك .هل ما نحن عليه ثابت تباثا معقولا , أم نحن ألواح بيضاء يمكن للبيئة أن تشكلها؟ لقد اكتسبت القضية القديمة "الوراثة أم البيئة" قوة جديدة, حيث أوضح علم الجينات, وعلم نفس السلوك أن كثيرا مما نطلق عليه الطبيعة الإنسانية بما في ذلك الشخصية والذكاء قد تم تشكيله لدينا بينما كنا في أرحام أمهاتنا, أو على الأقل بتأثير من الهرمونات التي تفرزها أجسادنا.

يقول ستيفن بينكر في كتابه اللوح الأبيض إن الدور الكبير الذي تلعبه البيولوجيا في سلوكيات البشر كثيرا ما يتم إنكاره, ومع ذلك سيصبح ذلك صعبا مع تقدم وزيادة المعرفة . ويوضح كتاب لوان بريزنداي الذي يتحدث عن آثار الهرمونات على مخ المرأة وكيف بإمكان الهرمونات تشكيل النساء في مختلف  مراحل حياتهن.

وكتاب موير و جيسيل بعنوان المخ الجنسي, والذي يمكن اعتباره أكثر تطرفا من سابقيه, لكنه يقدم حالة مقنعة تفيد بأن الكثير من من توجهاتنا السلوكية تنتج عن البيولوجيا الجنسية في المخ, والتي يتشكل أغلبها لدى الجنسين في الأسبوع الثامن داخل الرحم. والأكثر من ذلك أن الأفكار التي يحتفي بها علم النفس تتعرض هي الأخرى لمراجعة حاليا, حيث يوضح علم الأعصاب أن أفضل فهم للنفس هو اعتبارها نوعا من الوهم يخلقه المخ, حيث توضح المؤلفات المميزة ل  أوليفرساكس أن المخ يعمل دائما على خلق ودعم الإحساس ب "أنا" المسيطرة, حتى وإن كانت الحقيقة أنه ليس هناك جزء في المخ يمكن أن تقول عنه إنه موضع الإحساس بالذات. ويؤكد كتاب "راماشاندران " عن الأشباح في المخ والقدرة الملحوظة للمخ على خلق إحساس بالوحدة المعرفية حتى وإن كان الواقع(النفوس المتعددة, والطبقات الكثيرة للوعي) أكثر تعقيدا من هذا.

لم يقم جان بياجيه بأي عمل معملي على المخ, ومع ذلك فقد نشأ على دراسة القواقع في الجبال السويسرية. وقد طبق عبقريته السابقة في الملاحظة العلمية على دراسة الأطفال, فلاحظ أنهم يتطورون وفقا لخط محدد من المراحل تتوافق مع العمر, وافترض وجود مثير مناسب من بيئاتهم. وبالمثل, فقد عمل "ألفريد كينزي" الباحث في الجنس. والذي كان عالم أحياء أساسا على هدم المحاذير المحيطة بالحالة الجنسية عند الذكر والأنثى بتوضيحه أن طبيعتنا البيولوجية تحرك سلوكياتنا الجنسية.

ويوضح كتابا بياجيه وكينزي أنه رغم أن البيولوجيا عامل مسيطر دائما على السلوك, فإن البيئة عامل حاسم في التعبير عنه. فإننا لا يجب أن نستنتج أن البشر تحكمهم تركيباتهم الوراثية, أو هرموناتهم, أو بنيات أمخاخهم, فنحن على النقيض من الحيوانات ندرك تأثير غرائزنا علينا, وقد ينتج عن هذه المعرفة محاولتنا تشكيلها أو على الأقل السيطرة عليها, حيث لا نتشكل بالطبيعة فقط, ولا بالبيئة فقط, بل بمزيج منهما.   

كتاب اللوح الأبيض ستيفن بينكر
كتاب المخ الأنثوي لوان بريزنداي
كتاب الأشباح في المخ راماشاندران
كتاب المخ الجنسي  ل "موير" و "جيسيل"
كتاب التطور المعرفي عند جان بياجيه

التعاليق

أحدث أقدم