للرسول صلى الله عليه وسلم وأحاديثه الشريفة رصيد في قلوب المسلمين لا ينازعه فيه أحد من الخلق.
ولهذا هناك من يستغل هذا الحب الرباني لتحقيق مآرب دنيوية ,لا تتعدى السلطة وحب المال ,في فجر فاتح محرم عام 1400 للهجرة، وأكف المصلين تتوجه لرب العزة في صلاة الفجر  .اقتحم "جهيمان العتيبي" الذي كان جندي سابق في الحرس الوطني السعودي
ومجموعة من الشباب المغرر بهم الحرم المكي بقوة السلاح بدعوى مبايعة "المهدي المنتظر " المتمثل في شخص محمد بن عبد الله القحطاني . 
يوم تم الاستيلاء على الكعبة ....
العتيبي والمعتقلين في حادثة الحرم المكي


تواصل احتلال الحرم المكي 15 يوما أريقت فيها الدماء في أشرف بقعة على الأرض, وأزهقت أرواح بريئة ,لم يتفاعل  معها العالم الإسلامي بالشكل المطلوب ,نظرا لقلة وسائل الاتصال وصعوبة انتشار المعلومة في ذلك الوقت .لذلك تم التكتم على تفاصيل الفاجعة حتى أطلق عليها البعض بالجريمة المنسية ,إلا أن الكاتب الأوكراني يارسلاف تروفيموف قام بالكشف عن بعض التفاصيل في كتابه "حصار مكة".

تحدث الكاتب عن ولع جهيمان العتيبي منفذ العملية ,بالفلسفة الدينية وكرهم لتخاذل حكام العرب وتواطؤهم مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني  وخصوصا ملك السعودية  وأثناء تواجده بالمدينة المنورة إلتقى بمحمد بن عبد الله القحطاني ,الذي بدوره تلقى تربية دينية على يد الشيخ عبد العزيز بن باز وأثناء مناقشتها لأوضاع الأمة الإسلامية وجدا أنهما يملكان الكثير من الأفكار والرؤى المشتركة, وصلت إلى حد تكفير المجتمع واعتزاله .

الأمر لم يقف عندهما بل استطاعا تمرير هذا الفكر إلى مجموعة من الشباب المتحمس الذي فقد الأمل في انصلاح حال الحكام ,خصوصا مع الانتشار الكاسح للوسائل السمعية البصرية ,لبيوت المسلمين التي ستساهم لا محالة في شيوع الرذيلة ,وأن السبب يكمن في الفئة الحاكمة التي خرجت عن شرع الله وأصبحت موالية لأفكار الغرب ومستهلكة لأيديولوجياته المضللة .

وبعد مدة ليست بالطويلة أخبر القحطاني المجموعة بأنه بشر برؤيا مفادها بأنه هو المهدي المنتظر ,الذي تحدث عنه الرسول (ص) ,لم يتردد الشباب في تصديقه بل سارعوا لوضع خطة لاقتحام الحرم المكي ,وكانت بداية القرن الميلادي 14 موعدا مناسبا لمبايعة عبد الله بين الركن والمقام كما أخبر الرسول (ص) بذلك  .

وبالفعل قاموا بتنفيذ العملية ,وتمكنوا من السيطرة على الحرم لمدة 15 .بعد أن قاموا بوضع المصلين المحتجزين كدروع بشرية إلى أن قامت القوات السعودية بتضييق الخناق عليهم .فقتلوا الكثير منهم ومن جملتهم القحطاني ,وأحيل الباقون على الإعدام وعلى رأسهم "العتيبي".

نلاحظ أن هذا السيناريو تكرر كثيرا وسيظل يتكرر أتعرفون لماذا ؟ فالعنف أو الإرهاب أو الخروج عن القانون أيا كانت التسمية ,فهو نتيجة حتمية  للدكتاتورية والتسلط الذي تفرضه الأنظمة ,فالنظام يجبر الشعب على قبول الأمر الواقع والعيش ضد ارادته , وأن السلوك التطرفي في العالم هو "ردّ فعل طبيعي ضد الاستبداد" الذي تتعرض له الشعوب من طرف الأنظمة الدولية والمحلية. فالشعوب بطبيعتها مسالمة لا ترغب إلا في العيش الكريم وأن الأنظمة المتسلطة هي التي تخلق التطرف والإرهاب ,بكتمها لصوت الحق واستحواذها على خيرات شعوبها .


                       ياروسلاف تروفيموف "حصارمكة"



التعاليق

أحدث أقدم