كلنا قادرون على القتل!


متصفحي مدونة محيط المعرفة سلام الله عليكم.
أتمنى لكم عيد مولد نبوي مبارك وسنة ميلادية سعيدة ملؤها الأفراح والسعادة ورضى الله تعالى، إن كنا في المقالات السابقة تحدثنا عن البديل الثالث وقدرته العجيبة ليس فقط على حل الصراعات بل على توليد حلول جديدة أكثر إبداعا، وبعد ذلك جاء موضوع سر عبقرية غاندي ليعطينا حلا إبداعيا في أصعب ظروف الصراع البشري متمثلة في الاستعمار والمقاومة، نأتي اليوم لمعالجة ظاهرة مناقضة تماما لما ذكرناه سلفا ألا وهي قدرتنا على ارتكاب العنف وحتى القتل ضمن ظروف معينة.

كلنا قادرون على القتل
كلنا قادرون على القتل


ينتقد عالم النفس "دي بيكر" فكرة شائعة مفادها أن هناك "عقلية إجرامية" تميز بعض الناس عن بقية البشر، فمعظم الناس يقولون إنهم لا يستطيعون قتل غيرهم، متممين حديثهم بتحذير "ما لم نكن مضطرين لحماية أنفسنا أو من نحب". إننا جميعا قادرون على الأفكار الإجرامية، بل والأفعال الإجرامية. يوصف الكثير من القتلة بأنهم "معدومو الإنسانية"، ومع ذلك فمن المؤكد كما يقول "دي بيكر" أنهم بشر عاديون. إذا استطاع إنسان معين فعل شيء معين في ظل ظروف معينة، فإن كل البشر يستطيعون فعل ذلك الشيء، وفي كتابه لا يميز بين "الإنسان" و"الوحش الأدمي" ,بل يبحث في إن كان لدى الفرد النية أوالقدرة على اضرار غيره ,ثم استنتج أن مصادر العنف موجودة لدى كل إنسان ,ولكن الاختلاف يكمن في مبررات كل منا لذلك العنف.

لماذا يلجأ الناس للعنف؟


يمكن تلخيص ما جاء في كتاب "دي بيكر" في بعض الأفكار القيمة، أولا نجد التبرير حيث يعمل دماغ الإنسان على تفسير بعض سلوكيات الآخرين خصوصا الذين تجمعنا بهم علاقات مستمرة كالأزواج أو زملاء العمل أو المديرين على أنها تحمل نوعا من الإساءة المتعمدة، خصوصا إذا كانت الإساءة تمس النقاط التي يحس فيها بالضعف أو بالدونية كأن تقول الزوجة لزوجها أنت أقل رجولة أوتدخله في مقارنة مع غيره حتى وإن لم تقصد ذلك.

الفكرة الموالية التي أشار إليها في كتابه هي انعدام البدائل، حيث يبدو العنف كطريق وحيد للقصاص، عقولنا باستمرار تشوه الواقع والغريب في الأمر أننا نصدق ما نعتقده صحيحا ونقوم بسلوكيات تدعم هذا الاعتقاد الخاطئ، فعندما يخبرك دماغك أن الحل الوحيد لانهاء المشكلة هو الضرب أو حتى القتل إن لزم الأمر فإن الكثيرون يستجيبون تحت وطأة الهرمونات كهرمون الأدرينالين.

ثالث فكرة هي عندما يقرر الشخص أنه يستطيع تحمل تبعات سلوكه العنيف، وعلى سبيل المثال قد لا يبالي المطارد دخول السجن إذا ظفر بمن يطارده.

الصفات التي تجعلنا مرشحين لارتكاب الجريمة


أولها الاستهتار والتظاهر بالشجاعة الزائفة في مواقف تستدعي استعمال المنطق والكياسة. ثانيها التصلب في التفكير ورفض أية بدائل أو وجهات نظر مخالفة، أما أخطر المؤشرات هي عدم الصدمة من الأشياء التي تصدم الآخرين وكذلك النزعة المفرطة للسيطرة.

ليس من اللازم أن نعيش في حالة هوس الشك في الآخرين، فمعظم ما نقلق منه لا يحدث أبدا ومع ذلك، فإنه من السخف أن نثق في أنظمة الأمان في منازلنا، أوأماكن عملنا، أو حتى في الشرطة ثقة عمياء، لأن الناس هم من يلحقون الأذى بغيرهم، فإن الناس هم من ينبغي أن نفهمه حيث أن فرض النظام لا يضمن الأمان. ويعطي في كتابه إحصائيات مهمة عن الجرائم في الولايات المتحدة حيث يقول أن كل ساعتين تقتل مرأة على يد زوجها أو عشيقها.

Gavin de Becker"The Gift of Fear "

التعاليق

أحدث أقدم