رواد مدونتنا محيط المعرفة الكرام ,معظم الصراعات لها وجهان ,ونحن معتادون على التفكير بأسلوب "فريقي" في مقابل "فريقك" فريقي جيد وفريقك سيء أنا على حق وعادل وأنت مخطئ وغير عادل ,دوافعي نقية ودوافعك شريرة ,الأفضل حزبي أو دولتي ,أو شركتي أو رأيي وفي كل حالة من هذه الحالات يوجد بديلان فقط .يكاد كل الناس يختارون أحد هذين البديلين ,ولذلك السبب نجد الليبراليين في مواجهة المحافظين والعمال في مقابل الإدارة ,الأبناء في مقابل الآباء  ,المؤسسات التعليمية في مقابل المجتمع ,البيض
مقابل السود ,الزوج مقابل زوجته  يبدو القرن 21 كما لو كان عصر التشاحن الشخصي ,فقد ارتفع معدل الغضب ,حيث تزداد الشجارات العائلية ,والتنافس بين زملاء العمل ,وأصبحت المحاكم مكتظة بالمتخاصمين ,وأضحى التطرف ظاهرة متفشية ,كما أصبح الإعلاميون أكثر ميلا للاستهزاء والعدوانية وكلما زادت هجماتهم ضراوة زاد ما يحصلون عليه من مال .إن أسوء الحقب التي اجتازها التاريخ الإنساني بدأت بمثل هذه الطريقة أي إضفاء السلبية على الآخرين ثم تطور هذا إلى تطرف عنيف ,هل نلجأ للمواجهة ,ونقرر أننا لن نتحمل المزيد و سنرد على أعدائنا ؟هل نمثل دور الضحية وننتظر في يأس من ينقدنا ؟هل نجلس في حالة من التفلسف العقيم دون أي أمل في أن تتحسن الأمور؟
فكر بعقلية البديل الثالث مع ستيفن كوفي
فكر بعقلية البديل الثالث مع ستيفن كوفي
أيا كان الأسلوب الذي نتبعه في علاج مشاكلنا تبعاته معروفة ,فالحروب تؤدي إلى حروب ,والظهور في دور الضحية يؤدي إلى الاعتمادية واستثارة العطف .إن حل المشاكل يستلزم منا إحداث تغييرات جذرية في طريقة تفكيرنا .
كيف نتجاوز التفكير بأسلوب البديلين رغم تأصله في النفس البشرية؟
إن البشر لا يستطيعون تجاوز هذه النوعية من التفكير في العادة ,فهم إما أن يواصلوا الحرب أو أن يرضوا بحل وسط غير قائم على أساس قوي ,ومع ذلك ,فإن المشكلة لا تكمن في أحقية الطرف الذي ننتمي إليه بقدر ما تكمن في نوعية تفكيرنا .
النموذج الذي يقدمه البديل الثالث هو الجمع بين البديلين وبعبارة أوضح الجمع بين الخارطتين ,بحيث تكون لدينا خريطة أكثر شمولا تأخذ في اعتبارها كلا المنظورين ,فأفهم منظورك وتفهم منظوري ,وعندئذ يمكننا أن نصل للجزء الأكثر إثارة .وهو عندما أنظر إليك وأقول ربما استطعنا التوصل لحل أفضل مما يفكر فيه كل منا ,هل لديك استعداد للتفكير في بديل ثالث لم نفكر فيه حتي الآن ؟
يتم التوصل إلى البديل الثالث من خلال عملية تسمى التعاون الإبداعي ,والتعاون الإبداعي هو ما يحدث عندما يصبح مجموع واحد زائد واحد 10أو100 أوحتى 1000 إنها النتيجة المذهلة التي تحدث عندما يقرر الطرفان أن يتجاوزا أفكارهما الخاصة ليبدأ الحماس والطاقة والإبداع لخلق واقع جديد أفضل بكثير من الواقع القديم,تساءل العلماء لماذا تسافر الطيور المهاجرة في تجمعات تشبه رأس السهم أوحرف V ؟الإجابة بكل بساطة لأنها تعرف غريزيا بأن الطيران الجماعي بهذا الشكل يرفع سرعتها إلى الضعف ويقلل من الجهد الذي يجب  بذله، يعني ذلك أن كل طائر عندما يضرب بجناحيه الهواء يولد طاقة تساعده على التحليق كما تساعد الطائر الذي يليه، مما يمكن كامل طيور السرب من التعاون .والتعاون الإبداعي يختلف عن الحل الوسط ,ففي الحل الوسط يكون مجموع واحد زائد واحد 2 أو2,5 في أفضل الأحوال ,حيث يفقد فيه كل طرف شيئا ,أما التعاون الإبداعي ,فإنه ليس مجرد حل لصراع لأنه يتجاوز الصراعات فهو أفضل من طريقي وطريقك ,لأنه طريقنا ولأنه واقع أفضل من واقع كلينا .
ويرتكز التفكير بمنطق البديل الثالث على 4 خطوات :
أنا أرى نفسي :أنا أرى نفسي إنسانا لديه وعي بذاته,ويتجاوز مجرد التوجه الذي أتبناه في أي موقف صراع أو نزاع ,ربما اشتركت مع غيري في مجموعة معينة من المعتقدات ,أو انتميت إلى جماعة معينة ,ومع ذلك فلا هذه المعتقدات أو تلك الجماعة تحددني فأنا أكثر من الوظيفة التي أزاولها ولست الحزب الذي الذي أنتمي إليه.
أنا أراك :أنا أراك إنسانا كاملا تختلف عن أي إنسان آخر,إنسان ذا قيمة فطرية ولديه مواهبه ,وعواطفه ,ومواضع قوته المتفردة ,أنت بالنسبة لي أكثر من" توجه" في صراع ,وأنت تستحق الكرامة واحترامي لك.
أنا أبحث عنك :بدل من أرى وجهة نظرك المخالفة لوجهة نظري على أنها تهديد ,فإنني أبحث عن التعلم منك ,فإذا كان شخص بمثل ذكائك ونزاهتك يختلف معي فينبغي أن أستمع له ,إنني أستمع لك بتفهم حتى أفهمك فهما صادقا.
أنا أتعاون معك تعاونا إبداعيا :عندما يفهم كل منا الآخر فهما كاملا ,فإننا نصل لمرحلة يمكننا فيها الوصول للتعاون الإبداعي ,وإيجاد حل أفضل بكثير من أي شيء يتوصل إليه كل منا منفردا .التعاون الإبداعي عملية سريعة وإبداعية وتعاونية لحل المشاكل.
   ولتتعرف على قوة مبدأ البديل الثالث ,ستجد في كتاب ستيفن كوفي البديل الثالث قصصا رائعة لأشخاص عاديين قاموا بتطبيقه وحصلوا على نتائج مذهلة كمثال شاب هندي حل مشكلة التيار الكهربائي لملايين الفقراء بدون تكلفة تقريبا وقائد شرطة استطاع تقليل معدل الجريمة إلى النصف في إحدى مدن كندا. و زوجان كان على وشك الطلاق تحولا إلى زوجين يضحكان عندما يتذكران تلك الأيام.

التعاليق

أحدث أقدم