كان الرجل ذو الرأس الأصلع و الثوب المهلهل الأقرب لعتال أكثر منه لأعظم الفلاسفة شهرة يسير على مهل في الطرقات غير مهتم بسخافات السياسة يجمع الشباب حوله ويسألهم ان يحددوا ويُعرفوا كلامهم.. ولد سقراط في أثينا من أب نحَّات وأمٍّ قابلة؛ وقد
مارس في البداية مهنة والده، مكتفيًا بالعيش عيشة بسيطة برفقة كسانتيبي، زوجته حادة الطباع  وكان يهرب منها صباحا إلى مكان بعيد  فبرغم بلاغته لم يكن يستطيع إقناعها أو ثنيها على رأيها وقد قال متفلسفا ذات مرة تزوج يا بني فإن وفقت أسعدت ووإذا لم توفق اصبحت فيلسوفا .، حتى وقع ذلك الحدث الذي أيقظ موهبته الفلسفية، حين أخبرت البيثيا، كاهنة هيكل ذلفُس، أحدَ أصدقائه ذات يوم بأن سقراط هو أكثر البشر حكمةً؛ الأمر الذي دفع به، وقد بدا مشكِّكًا في ذلك بادئ الأمر، لأن يندفع في محاولة تلمُّس أبعاد تلك الكلمات التي حدَّدتْ مسار حياته. وهكذا بدأ مسيرته، متلمسًا طريقه من خلال مواطنيه، محاولاً استكشاف مكامن تفوُّقه المفترَض – ذلك المسار الذي أوصله إلى تلك النتيجة التي مفادها أن "كل ما أعرفه هو أني لا أعرف شيئًا، بينما يعتقد الآخرون أنهم يعرفون ما لا يعلمون".
سقراط أبو الفلاسفة
سقراط أبو الفلاسفة 
     تلك الحقيقة التي جعلت من فكره الثاقب أمرًا مزعجًا، حينما يقارَن بالامتثالية الفكرية للكثير من معاصريه. فقد كانت نقاشاته التي لا تنتهي تلقى اهتمامًا كبيرًا من قبل الشبيبة، مما أثار قلق أولياء الأمور، الذين سرعان ما اتَّهموه بالإلحاد وبالتجديف وبإفساد أبنائهم؛ الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى محاكمته والحكم عليه بالموت – تلك المحاكمة الشهيرة التي حاول سقراط عبثًا الدفاع عن نفسه من خلالها (راجع دفاع سقراط لأفلاطون). 
     إن الفلسفة تبدأ عندما يتعلم الإنسان الشك – وخصوصاً في المعتقدات التي يُحبها – والعقائد والبديهيات التي يؤمن بها ويقدسها.. من يعرف كيف أصبحت هذه المعتقدات العزيزة علينا حقائق يقينية بيننا! وفيما إذا كانت لم تلدها خلسة رغبة سرية لحاكم أو جماعة أو سياسة, مُلبسة الرغبة ثوب الفكرة؟! يكاد يتفق جميع مؤرخي الفلسفة بان سقراط كان هو مؤسس الفلسفة الأخلاقية على أنه من الصعب جدا أن نعرف بالتحديد موقف سقراط او رأيه فهو لم يكتب شيئا ولم تخرج تعاليمه على أن تكون محادثات و تأثيرات شخصية و قد غمرتها الأساطير حتي صرنا لانعلم مقدار صحة او خطأ تلك المحادثات السقراطية إلا أن المؤرخين يؤكدون ان سقراط هو مؤسس مدرسة اخلاقية فلسفية انتسب إليها كل من جاء من بعده من فلاسفة أخلاقيين حتى ظهور المسيحية. رأى سقراط أن الإنسان لا يمكنه ان يعيش إلا إذا حقق القاعدة المكتوبة على معبد جزيرة دلفي (اعرف نفسك بنفسك )إذ أنه يرى, إذا عرف الانسان نفسه فإنه سيعرف بالضرورة ما يمكنه أن يفعله وما لايمكنه أن يفعله فإذا عرف فإنه سيحصل على الضروري لحياته ويعيش سعيدا ويكون بمعزل عن الألم و إذا لم يعرف فإنه لن يستطيع أن يستخدم مواهبه في الحياة وبالتالي لن يكون سعيدا:

                                                                                                   حسين بوتشيشي
                                                                                                     كتاب سقراط

التعاليق

أحدث أقدم