الجواب الكامل عن هذا السؤال الذي وإن كان ظاهره يوحي بذات راغبة في معرفة الحقيقة متعطشة للمعرفة إلا أن جوهره يخفي رغبة شيطانية ثبحث عن النفوس الضعيفة لتشكيكها في كل ما اعتقدت فيه, الجواب الشافي يحتاج إلى معرفة علاقة الروح بخالقها وهو أمر
محجوب فلا بد أن يشفى القلب وترق الحواس لترتفع الحجب لتستطيع أن ترى بعين البصيرة وليس بعينك البشرية وتتجاوز السجن المحدود بالأسباب والمسببات لتطل على ما وراءه.
هل أنا مخير أم مسير؟
هل أنا مخير أم مسير؟
   ولكن لا ضرر أن نجتهد بما نملك من معرفة ضئيلة,فالإنسان حر هذا صحيح ولكن حريته مخلوقة أي مقدورة عليه وهذا أشبه بأن نقول أنه محكوم عليه بالحرية مضطر للإختيار وهذا ما يضعه بين درجتين فهو ليس حرا حرية الله المطلقة وهو ليس مقهورا قهر المادة العمياء فعندما نقول أن الماء يتبخر عند درجة 100 درجة فهذه علاقة جبرية حتمية أي أنه لا بد أن يتبخر عند هذه الدرجة والمادة بأكملها تتبع هذا النظام الحتمي و الإنسان ليس مسيرا إلى هذه الدرجة فهو مخير في ما يعلم وما يستطيع ومسير في ما لا يعلم ولا يستطيع وهذا ما نطلق عليه اسم الحرية البشرية ,وحتى مسؤوليته وحسابه يكون بقدر استطاعته وتكليفه ولكن لا يكون غير مسؤول لأن مقامه ليس مقام المادة الصماء .
  والله لايأمر الظالم أن يظلم وإنما هو يعلم أنه سوف يظلم بحكم أنه محيط بكل شيء علما وهناك فرق بين سبق العلم والإكراه ,والشخص الذي يطرح هذا السؤال يتحدث في إطار زمني بمعنى أنه يقول أن الله يعرف مصيرنا منذ القدم أي أنه يعطي حيزا زمني وقد أثبتث العلوم الحديثة أنه أثناء الإنفجار العظيم كما يسمونه إنبثق الزمان والمكان من جرم متناهي في الصغر متناهي في الكثافة بايضاح أكثر فنحن نريد أن نحيز الله في زمان ومكان هو خالقهما ونحن بطبيعتنا البشرية لا نستطيع أن نتصور شيء خارج الإطار الزمكاني كما سماه انشتاين فالمخلوق لا يمكن أن يحكم الخالق.
    فالله أعطانا الحرية وهو يعلم منذ الأزل ماذا سنفعل بها,ويقول سبحانه لنبيه الكريم"لا اكراه في الدين"لانه سبحانه لا يتدخل ولا يحب من يتدخل في إكراه النفوس على غير طبائعها لأن ذلك يتنافى وقدسية الحرية .
  هذه مجرد إشارات أما كمال العلم فهو من أمور البصيرة ,بما لا تنفع فيه الكلمات العادية المبتذلة التعبير وكشف جميع جوانب اللغزوكيف يكون مخيرا ومسيرا في نفس الوقت  يكون بمجاهدت الروح وليس عن طريق علوم الكلام.

التعاليق

أحدث أقدم