متصفحي مدونتنا محيط المعرفة سلام الله عليكم,الإعجاز العلمي ليس حكرا على القرآن الكريم بل نجد أن السنة المطهرة تحمل الكثير من أوجه الإعجاز وقد انتقيت لكم موضوعا للعلامة والمحاضر زغلول النجارأطال الله عمره ونفعنا بعلمه يتحدث فيه بأسلوبه الراقي عن أحد هذه الفتوحات الربانية التي خص بها رسوله الكريم.

الدكتور زغلول النجار
الدكتور زغلول النجار
عجب الذنب (العصعص)
عجب الذنب (العصعص)
  في عدد من الأحادیث النبویة الشریفة جاء ذكر عجب الذنب على أنه الجزء من الجنین الذي یخلق منه جسده، والذي یبقى بعد وفاته وفناء جسده؛ لیبعث منه من جدید، فقد أشار المصطفى صلى ﷲ علیه وسلم إلى أن جسد الإنسان یبلى كله فیما عدا عجب الذنب، فإذا أراد ﷲ تعالى بعث الناس أنزل مطرا من السماء فینبت كل فرد من عجب ذنبه كما تنبت البقلة من بذرتھا. 
 
ومن ھذه الأحادیث العدیدة روى أبو ھریرة رضي ﷲ عنه عن رسول ﷲ صلى ﷲ علیه وسلم: "كل ابن آدم تأكل الأرض إلا عجب الذنب منه خلق وفیه یركب" (أبو داود ،النسائي، أحمد، ابن ماجه، ابن حبان، مالك)، وفي روایة لأبي سعید الخدري رضي ﷲ عنه مرفوعًا إلى رسول ﷲ (صلى ﷲ علیه وسلم) أنه قال: "یأكل التراب كل شيء من الإنسان إلا عجب ذنبه، قیل: وما عجب ذنبه یا رسول ﷲ؟ قال: مثل حبة خردل منه نشأ"، وأخرج الإمام مسلم في صحیحه عن أبي ھریرة نصًا مثله جاء فیه: "كل ابن آدم یأكله التراب إلا عجب الذنب، ومنه یركب الخلق یوم القیامة". 
وھذه الأحادیث النبویة الشریفة تحتوي على حقیقة علمیة لم تتوصل العلوم المكتسبة إلى معرفتھا إلا منذ سنوات قلیلة، حین أثبت المتخصصون في علم الأجنة أن جسد الإنسان ینشأ من شریط دقیق للغایة یسمى باسم "الشریط الأولي" الذي یتخلق بقدرة الخالق
(سبحانه وتعالى) في الیوم الخامس عشر من تلقیح البویضة وانغراسھا في جدار الرحم ،وإثر ظھوره یتشكل الجنین بكل طبقاته وخاصة الجھاز العصبي وبدایات تكون كل من العمود الفقري، وبقیة أعضاء الجسم؛ لأن ھذا الشریط الدقیق قد أعطاه ﷲ تعالى القدرة على تحفیز الخلایا على الانقسام، والتخصص، والتمایز والتجمع في أنسجة متخصصة ،وأعضاء متكاملة في تعاونھا على القیام بكافة وظائف الجسد. 
 
وثبت أن ھذا الشریط الأولي یندثر فیما عدا جزءا یسیرا منه، یبقى في نھایة العمود الفقري (العصعص)، وھو المقصود بعجب الذنب في أحادیث رسول ﷲ (صلى ﷲ علیھ وسلم)، وإذا مات الإنسان، یبلى جسده كله إلا عجب الذنب الذي تذكر أحادیث رسول ﷲ (صلى ﷲ علیه وسلم)، أن الإنسان یعاد خلقه منه بنزول مطر خاص من السماء، ینزله ربنا (تبارك وتعالى) وقت أن یشاء فینبت كل مخلوق من عجب ذنبه، كما تنبت النبتة من بذرتھا. 
 
وقد أثبت مجموعة من علماء الصین في عدد من التجارب المختبریة استحالة إفناء عجب الذنب (نھایة العصعص) كیمیائیا بالإذابة في أقوى الأحماض، أو فیزیائیا بالحرق، أو بالسحق، أو بالتعریض للأشعة المختلفة، وھو ما یؤكد صدق حدیث المصطفى (صلى ﷲ علیه وسلم) الذي یعتبر سابقة لكافة العلوم المكتسبة بألف وأربعمائة سنة على الأقل، وھنا یتبادر إلى الذھن سؤال ھام مؤداه: لماذا تعرض المصطفى (صلى ﷲ علیھ وسلم)، لقضیة علمیة غیبیة كھذه في زمن لم یكن لمخلوق علم بھا؟ ومن أین جاء ھذا النبي الخاتم والرسول الخاتم بھذا العلم لو لم یكن موصولا بالوحي، ومعلما من قبل خالق السماوات والأرض؟ 
 
وللإجابة على ذلك نقول بأن ﷲ تعالى یعلم بعلمه المحیط أن الإنسان سوف یصل في یوم من الأیام إلى معرفة مراحل الجنین، وسوف یستبین دور الشریط الأولي الذي من بقایاه ،عجب الذنب، في تخلیق جسد الجنین فألھم خاتم أنبیائه ورسله النطق بھذه الحقیقة لیبقى فیھا من الشھادات على صدق نبوته، وصدق رسالته، وصدق تلقیه عن الخالق سبحانه وتعالى ما یبقى موائمًا لكل زمان ولكل عصر، ولما كان زماننا قد تمیز بقدر من الكشوف العلمیة، والتطورات التقنیة التي لم تتوفر لزمن من الأزمنة السابقة، فإن مثل ھذه الإشارات العلمیة في كل من كتاب ﷲ وسنة رسوله (صلى ﷲ علیه وسلم) تبقى لغة العصر وخطابه، وأسلوب الدعوة إلى دین ﷲ الخاتم الذي لا یرتضي من عباده دینا سواه ،فلا یمكن لعاقل أن یتصور مصدرًا لھذه الحقیقة العلمیة من قبل ألف وأربعمائة سنة غیر وحي صادق من ﷲ الخالق؟؟!! 
 
فسبحان الذي خلق فأبدع، وعلم فعلم، وأوحى على خاتم أنبیائه ورسله بالحق الذي لا یأتیه الباطل من بین یدیه ولا من خلفه، وصلى ﷲ وسلم وبارك على سیدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبع ھداه ودعا بدعوته إلى یوم الدین. 

                                                                                                               فضيلة الدكتور زغلول النجار

التعاليق

أحدث أقدم