السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، موضوعنا لهذا اليوم يتناول قضية خلق الموت بين العلم والدين انطلاقا من قوله تعالى:
" الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ العَزِيزُ الغَفُورُ " (الملك: 2).
العلم والدين يتفقان على أن الموت مخلوق مع خلق الحياة في جسم الإنسان
توضيحات تشمل الأغطية الطرفية للصبغي والأنزيم الباني وتناقص طول هذا الصبغي مع كل انقسام

أقوال المفسرين في خلق الموت والحياة:

قال بعض المفسرين بأن الموت أمر عدمي ولا يعني سوى غياب الحياة، وبناء على هذا التقدير، فالله تعالى خلق الحياة لأنه أمر وجودي، وقدر الموت بنهاية تلك الحياة، فإذا جاء أجل النهاية انعدمت الحياة، فالموت ما هو إلا غياب للحياة. واتفق أغلب المفسرين على أن الموت موجود ومخلوق شأنه شأن الحياة. إذن فالموت أمر وجودي كالحياة، أي أن الموت والحياة يعملان فينا في نفس الوقت وباستمرار فهما متلازمان ولكل واحد منهما وجود مستقل عن الآخر ، وهذا الرأي ينسجم مع حديث ذبح الموت الذي رواه ابو سعيد الخدري(ض) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح، فينادي مناد: يا أهل الجنة فيشرئبون وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموت، وكلهم قد رآه، ثم ينادي: يا أهل النار فيشرئبون وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموت، وكلهم قد رآه، فيُذْبح، ثم يقول: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت".

العلم يؤكد بأن الموت مخلوق ومبرمج سلفا في كل خلية من جسمنا:

برهنت دراسات الشيفرة الوراثية التي أجريت في نهاية القرن العشرين أن تقدير الموت مبرمج في كل الخلايا من دون استثناء. وهذا يؤكد حقيقة خلق الموت تزامنا مع خلق الحياة في كل خلية من خلايانا منذ البداية.

اكتشف عالما الوراثة بلاكبيرن وجريدر Blacburn& Greiderوجود انزيم مختص في بناء الغطاءين الطرفيين في كل صبغي وتعرف هذه الأغطية بالتيلموميرات  Telomeres ويطلق على الأنزيم الباني اسم Telomerase للأغطية الطرفية للجسم الصبغى.
كما اكتشف هواردكوك عام 1986 أن هذه التيلموميرات  تتناقص مع كل انقسام للخلية الحية مما يترتب عنه علاقة مطردة بين تناقص طول هذين الغطاءين الطرفيين وشيخوخة الخلية،  فإذا وصل طولهما الى حد معين ماتت الخلية بعد توقفها عن الانقسام. وأن قدرة هذه الخلايا الفتية على الانقسام تفوق قدرة خلايا كبار السن عدة مرات، حتى أن العلماء اطلقوا عليها اسم عداد المضاعفات الانقسامية المتكررة Replicometer  أو عداد الأجل Longivity Meter للتيلموميرات.

مما دفع بالعالم Bodnar إلى حقن كبار السن بإنزيم Telomerase لتأخير شيخوختهم ولكنه تفاجأ بتحول خلاياهم إلى خلايا مسرطنة فتوقف عن تجاربه بعد أن تأكد من استحالة التلاعب بعداد الأجل المزروع في الخلايا المسنة.

وتبدأ نهاية الخلية عندما تفقد قدرتها على الانقسام فتنفجر ملقية بسائلها الخلوي ونواتها في الأنسجة المجاورة أو تتفتت وتنكمش لتبتلعها الخلايا الأخرى بدقة متناهية اسماها العلماء بالموت الخلوي المبرمج Programmed Cell Death  وبهذه الطريقة  يدب الموت بالتدريج في كل خلية ثم ينتقل إلى الأعضاء والأجهزة منهيا وجود الكائن الحى بالوفاة. 
فسبحان الذي أوحى لعبده بذلك منذ أكثر من 1400 وصدق رسول الله (ص) حينما قال:
إن الله أذل بنى آدم بالموت، وجعل الدنيا دار حياة ثم دار موت، وجعل الآخرة دار جزاء ثم دار بقاء " 
(رواه ابن أبى حاتم).
                                                                                                     المرجع   futura science
                                                                                                          تفسير ابن عاشور
                                                                                                          تفسير القرطبي

التعاليق

أحدث أقدم