أسس جان بياجيه نظرية النمو المعرفي عند الطفل انطلاقا من ملاحظاته المعمقة للسلوك البشري منذ سنينه الأولى، يكون الطفل إطارا عقليا للكلب على أنه كائن حي له أربعة أرجل، إنه شيء رائع لقد تمكن الطفل من ايجاد جواب لسؤاله الفلسفي حول حقيقة الأشياء، لكن صديقنا الطفل فور ذهابه لحديقة الحيوانات يصطدم بشكل الوجود المتعدد الأوجه، فالأسد والغزال ووحيد القرن كذلك كائنات حية، تمتلك أربعة أرجل، فيكتشف صديقنا الطفل أنساقا من التفكير لا تتسق مع الأطر العامة لتفكيره، فيدخل الطفل في حالة من عدم الاتزان بسبب عدم قدرة الاطار الفكري لديه على تفسير معطيات العالم الخارجي.
مراحل نمو ذكاء الطفل عند بياجيه
مراحل نمو ذكاء الطفل عند بياجيه

وللتغلب على هذه الأزمة يمر الطفل بعمليتين أساسيتين :الأولى عملية استدماج للمعلومات الجديدة في الاطار العقلي القديم ،فيعتبر الاسد والغزال والنمر أنواعا أخرى من الكلاب، لكن حيوانا مثل الزرافة أو الفيل مثلا, حجمهما يمكن أن يخل بهذا التوازن ليلجأ الطفل الى تكوين إطار عقلي جديد فيكون الحل تكوين مفهوم جديد :الحيوان.وتستمر هذه العملية من الاتزان واللااتزان طوال الوقت من نمو الطفل ،ويمر الطفل من أربعة مراحل أساسية في نموه.

  1. المرحلة الاولى :المرحلة الحسية الحركية وتشمل الفترة من بداية حياة الطفل وحتى انتهاء عامه الثاني وهي فترة يتعامل الطفل فيها مع الواقع من خلال الجوانب الحسية الحركية حيث لا مجال للتفكير في هذه المرحلة ويكون الاعتماد منصبا على الحواس الخمس في استكشاف العالم الخارجي.
  2.  المرحلة الثانية : مرحلة ما قبل العمليات والتي تمتد من السنة الثانية الى السنة السادسة أو السابعة من العمر، وهي تشهد بدايات عملية التمثيل العقلي، حيث يبدأ الطفل في بناء أنساق بسيطة من الرموز لتمثيل العالم في صور أو جمل أو شفرات، وإن كان يفتقد للنظرة الكلية للأمور والأحداث.
  3. المرحلة الثالثة :  مرحلة العمليّات البحثية  و تمتد من السنة السابعة الى السنة الثانية عشر، وهي مرحلة تتميز بقدرة الطفل على تكوين تمثيلات عقلية أو ذكريات عن الأحداث ومعالجتها بشكل إيجابي ونشط. فتظهر مفاهيم مثل الكل والجزء والكم والكيف والمقارنة والمتمايزة، وتتنامى هذه القدرات بالتفاعل مع البيئة والأقران.
  4. المرحلة الرابعة: المرحلة الشكلية العملياتية أو التجريدية  وتبدأ من الثانية عشر وتستمر إلى ما بعد ذلك، حيث يبدأ التفكير لدى الأطفال في هذه المرحلة في أخذ ملامح وخصائص التفكير لدى الراشدين،وهي الملامح  التي تتمثل في ازدياد قدرات التفكير والذكاء، كاتساع نطاق ودقة الذاكرة، وتزايد قدرات حل المشكلات، والتعامل مع الرموز والتفكير المجرد، ووضع الفرضيّات والاحتمالات والتطوّر في التّفكير النّاقد ومقارنة الأشياء وتحليلها واختيار الأنسب.
  ومن هنا يمكن القول أن بياجيه قد وضع بنيات عقلية تمر بأربع مراحل عقلية نمائية, قابلة للتغير وفق عامل الخبرة والنضج البيولوجي والنشاط العقلي للفرد وهذا التوازن بين هذه المتغيرات  سيحدد ذكاء الأنسان في المستقبل.

مقالة بقلم الأستاذ هشام بوتشيشي

التعاليق

أحدث أقدم