متابعي مدونة محيط المعرفة الوفياء سلام الله عليكم.
موضوع اليوم سنتطرق من خلاله إلى نواتج التعلم في البرامج التعليمية.
إذا أردنا تطبيق منهجية التقويم التكويني بطريقة ملائمة، ينبغي أن نحدد طبيعة التعلمات التي ستخضع للفحص. وبعبارة أخرى، ينبغي أن تكون أسئلة اختبار الذاكرة مختلفة عن الأسئلة المطروحة لمعرفة مدى تمكن التلميذ من مفهوم ما. كما لا يمكننا تقييم قدرة التلميذ على تطبيق قاعدة رياضية بنفس الطريقة التي تقيم بها قدرته على كتابة نص.

نواتج التعلم في البرامج التعليمية
نواتج التعلم في البرامج التعليمية

تصنيفات نواتج التعلم

إذا تفحصنا البرامج التعليمية سنلاحظ أن الأهداف المسطرة تنتمي إلى ميادين مختلفة. وللتمييز بين هذه الميادين، يفضل البعض تصنيف Bloom  ويتكلمون عن الأهداف المعرفية أو الحسية أو العقلية الحركية، والبعض الآخر يفضلون التكلم عن المعرفة والمهارة والسلوك للتمييز بين نفس الميادين. ففي جميع الحالات، تتميز التعلمات بكونها إما تخص المعرفة أو القدرة على التطبيق أو ميدان السلوكات والمواقف.
ففي سنة 1974 اقترح Gagné تصنيفا يوافق تصنيف Bloom. لكن Gagné أخذ بعين الاعتبار طبيعة التعلمات المستهدفة. 

تصنيف Gagné لنواتج التعلم

يقترح Gagné خمسة أنواع من نواتج التعلم:

1- المعلومة اللفظية:

يعنى هذا الناتج بالمعارف المكتسبة ويستدعي ذاكرة المتعلم. فبالنسبة لـ Gagné تعتبر المعلومة اللفظية بمثابة الطريقة المثلى لإيصال المعارف التي يمكنها أن تكتسب كتعلم إلا عن طريق الاتصالات الشفهية والكتابية.
تصبح المعلومة اللفظية أهلية أو كفاءة إذا فاقت الحفظ الآلي للكلمات والأسماء والتواريخ ... وكان الشخص قادرا على شرح ما تعلمه بتعبيره الخاص.

2- المهارة العقلية:

إذا كانت المعلومة اللفظية ترتبط بذاكرة المتعلم، فإن المهارات العقلية تستدعي الفهم والاستدلال. لقد وضع Gagné تراتبا لمختلف المهارات العقلية، إذ قسمها إلى فئات متفرعة بدورها ومتصلة فيما بينها بحيث أن تعلم مهارة صعبة يقتضي تعلم مهارات أسهل.
فبالنسبة لـــ Gagné إذن تعتبر المهارات العقلية بمثابة صنافة، متكونة من المستويات التالية من البسيط إلى المركب:

أ- التمييز: La discrimination

ويتجلى في قدرة التلميذ على التمييز بين خصائص مثير معين (رموز، أجسام، ...) فمثلا نقول بأن التلميذ قادر على التمييز عندما يدرك الفرق بين الحمر والبني، بين الشكل الكروي والشكل البيضوي، ... أي أن يكون التلميذ قادرا على التمييز لما يبرهن أنه يدرك الفرق بين بعض الخصائص، دون تسميتها في هذه المرحلة.

ب- المفهوم: Le concept

ويتجلى في المهارة العقلية التي تمكن من تعرف عنصر (جسم، نوع الجسم، حدث ...) ينتمي لصنف معين. فـ Gagné يقسم هذه النتائج إلى مفهوم ملموس كأن يبين التلميذ أن مجموعة أمثلة تنتمي إلى صنف معين، ومفهوم محدد كأن يستعين التلميذ بتعريف ليبين أن العنصر ينتمي إلى المجموعة.
يعتبر المفهوم مكتسبا إذا بين التلميذ، سواء بالإشارة أو بتعريف ما، انتماء جسم معين إلى مجموعة أجسام محددة، وعلى سبيل المثال: يكون التلميذ قادرا على أن يشير إلى القطعة المستقيمية التي تمثل ارتفاع شكل هندسي معين، أو قادرا على وضع خط تحت الفاعل في جملة معينة ...
يمكن من جهة أخرى للتلميذ أن يبين مدى اكتسابه لمفهوم محدد عندما يستعين بتعريف ما للإجابة عن سؤال أو لإنجاز مهام محددة.

ج- القاعدة أو المبدأ: La règle ou principe

تتمثل القاعدة حسب Gagné في القدرة على إنجاز شيء ما انطلاقا من رموز. فالتمكن من قاعدة نحوية مثلا سيمكن التلميذ من كسر الإسم بعد حرف الجر، أو تغيير علامة العدد عند وضعه في الطرف الآخر من معادلة رياضية.

د- القاعدة المركبة: La règle d'ordre supérieur

هي اتحاد مجموعة قواعد بسيطة متلاحمة فيما بينها، ولا تختلف عن القواعد البسيطة إلا بدرجة التعقيد التي تميزها. فمثلا حساب عدد لترات الصباغة التي تتطلبها صباغة غرفة، يقتضي من التلميذ حساب مساحة جدران الغرفة، ثم ننقص منها مساحة الأبواب والنوافذ، وبعد ذلك حساب عدد اللترات الخاصة بصباغة الغرفة.
وبما أن هذه المهارات العقلية المذكورة تشكل صنافة، فإن تعلم المهارات البسيطة ضروري لاكتساب المهارات الأكثر تعقيدا.

3- المهارة الحركية:

بالنسبة لتصنيف Gagné، تمكن المهارات الحركية من التحكم بطريقة لينة، دقيقة وشاملة في إنجاز عمل عضلي. ومن الأمثلة في الميدان التربوي: مسك أداة للرسم أو الكتابة بشكل جيد، مناولة لأداة فنية أو حرفية، تنفيذ إشارة مهنية أو تقنية، النطق بلغة ثانية، غناء، رقص، قفز، رمي كرة، ...
يضم تعلم المهارة الحركية عادة تعلم مهارات أخرى مثل المعلومة اللفظية الضرورية لفهم بعض القواعد التي تبسط كيفية تحقيق الإنجاز الحركي. فعلى سبيل المثال، لا يمكن لتلميذ أن يستعمل جهازا للتسجيل إذا لم يتذكر كيف يعمل الجهاز.

4- الاستراتيجيات المعرفية:

يتعلق الأمر هنا بمهارات منظمة تمكن التلميذ من المساهمة في تعلمه، وتقتضي منه الإبداع. يقول Gagné: 
بينما تشمل المهارات العقلية عناصر المحيط الخارجي للتلميذ (معرفة معنى كلمة، تطبيق قاعدة نحوية، حساب صيغة رياضية...) فإن التدابير المعرفية تشمل عناصر تتعلق بالسلوكات الداخلية للشخص في تفاعله مع محيطه.
ففي المدرسة، نلقن للتلميذ بعض الاستراتيجيات المعرفية لمساعدته على تعلم أفضل. كأن نجعله يحفظ جملة معينة لتفادي بعض الأخطاء الإملائية.
ولدى Gagné: 
تعتبر الاستراتيجيات المعرفية من أهم أهداف التعلم في النظام التربوي، بحيث تمكن التلميذ من تعليم ذاته إذا تطورت لديه الاستراتيجيات الخاصة بتنمية الانتباه، التقنين، تحديد المعالم، السحب، النقل وحل المسائل.

5- المواقف:

المواقف مهارات مرتبطة بالقيم، توجه تصرفات التلميذ. فبالنسبة لـ Gagné تعتبر المهارة حالة داخلية مكتسبة، تؤثر على الاختيار الشخصي لأشياء، أو أشخاص أو أحداث.
ويعرف Morissette بدوره الموقف بأنه:
استعداد داخلي تترجمه ردود فعل انفعالية يتلقنها الشخص ويحس بها كلما واجه جسما معينا أو فكرة أو نشاطا محددا. من شأن ردود الفعل هذه أن تقربه أو تبعده عن هذا الجسم.
يكون الموقف إيجابيا عندما ينتقل التلميذ تلقائيا لوضع بقايا الأشياء، في سلة المهملات أو إذا تفادى مقاطعة أحد أصدقائه أثناء حواره لأن هذا الموقف يظهر أن التلميذ يحترم الآخرين.
ويوضح Gagné:
رغم أن الموقف الإيجابي هو الذي ينبغي تلقينه للتلاميذ في المدرسة، فلا ينبغي أن تهمل المواقف السلبية التي تستغل لتعليم التلاميذ كيفية تفاديها، كأن نعلمهم تجنب تناول المخدرات، وأخذ الاحتياطات اللازمة عند ممارساتهم الرياضية. فتلقين المواقف السلبية وتجنبها شيء إيجابي في تكوين الطفل. وتعلم المواقف يختلف عن نواتج التعلم الأخرى، لكونه يتطلب وقتا أطول. 



التعاليق

أحدث أقدم