بطرس الأكبر وحلم السيطرة على العالم

إن التاريخ حافل بالأحداث والشخصيات التي تبقى عالقة بالأذهان إما بشخصياتهم المتميزة أو بأفكارهم أو بالمنجزات التي قدموها لبلدانهم.
وهناك الكثير من هذه الشخصيات، وقد سبق لنا بمدونتكم محيط المعرفة أن سلطنا الضوء على شارلمان وكيف أحيى الإمبراطورية الرومانية، واليوم سنسلط الضوء على شخصية بطرس الأكبر.
بطرس الأكبر
بطرس الأكبر
يعتبر بطرس الأكبر من أبرز حكام روسيا وأشهرهم نظرا للتغيير الكبير الذي حصل لروسيا إبان فترة حكمه، خاصة وأن روسيا كانت غارقة في الجهل والعبودية وكل أشكال التخلف، لكن إصراره على التغيير والإصلاح كان له التأثير الإيجابي وعاد بالنفع على روسيا والروسيين، ولتحقيق هدفه قام بالهجرة الى أوروبا ليتعلم ويستفيد في كل المجالات وقد اصطحب معه حوالي 250 شخصا، وقد أخفى اسمه الحقيقي وتنكر في شخصية أخرى طوال فترة مكوثه بأوروبا، كما اشتغل في حرف بعدة مجالات حتى يستفيد ويقوي خبرته، وقد عمل كنجار في أحواض السفن ودرس عن علم المدفعية في ألمانيا وقام بزيارة المصانع والمدارس والمتاحف كما حضر جلسة لمجلس العموم الإنجليزي.
نقترح عليكم: نبوخذ نصر أعظم قادة التاريخ

وعند إتمام فترة تكوينه بأوروبا عاد الى بلاده محملا بعدة أفكار تجديدية على النسق الأوروبي الغربي، فأرسل عدة بعثات إلى الخارج قصد الدراسة كما شجع المجال الاقتصادي والتجاري وشيد أسطولا جديدا وأعاد تنظيم الجيش وهيكلته من حيث الأسلحة واللباس والتدريب والتكوين، كما أصلح النظام الإداري الروسي...

وقد كان بطرس الأكبر حقودا جدا على الدولة العثمانية لأنها كانت دولة إسلامية كبرى، لذلك شن حربا شرسة عليها سنة 1696، ونتيجة للهجمات المتكررة الروسية على الدولة العثمانية قامت هذه الأخيرة بالتنازل عن المناطق التي تحول بين روسيا والبحر الأسود، وبذلك تمكن بطرس الأكبر من الوصول الى المياه الدافئة.

وبعد ذلك أراد بطرس مواصلة توسعاته فقرر مهاجمة السويد لكن شارل الأول حاكم السويد قاد جيوشه للرد على بطرس وهزمه هزيمة نكراء فعرف بطرس حجمه الطبيعي وعرض عليه التنازل عن كل فتوحاته مقابل ميناء على بحر البلطيف لكن طلب بطرس قوبل بالرفض من طرف شارل الأول وواصل انتصاراته إلا أن بطرس لم يستسلم ودبر لخطة محكمة للإيقاع بخصمه، وقد تمكن الروس من الانتصار بالطريقة الشهيرة التي استخدمت مع نابليون وهتلر، وذلك بقطع خطوط الإمدادات الطويلة للجيش السويدي الذي توغل لمسافات بعيدة داخل روسيا، وبمساعدة الجنرال ثليح تمكن بطرس من في بولتافا من توجيه ضربة قاضية للجيش السويدي وتوفي شارل الأول وبعدها تنازلت السويد مضطرة لروسيا عن استونيا وليفونيا وأجزاء من فنلندا، وبذلك حصل بطرس على واجهة بحرية مهمة على بحر البلطيف، وجشع بطرس لم يتوقف عند هذا الحد بل واصل توسعاته وحصل على العديد من المناطق نذكر منها: سيبريا وبلاد فارس الذي استولى بها على عدة مناطق بالقوة.
نقترح عليكم: مالكوم إكس أشد السود غضبا في أمريكا

وتبين وصية بطرس ما كان يتمناه إذ قال: ( يجب أن تبقى روسيا في حالة استعداد لحروب دائمة، واستمرار الجندي الروسي في عمله ولا يمنح أي راحة مطلقا إلا بهدف الإنعاش المالي للبلاد وتحسين الجيش واختيار أنسب اللحظات للهجوم في سبيل المصلحة والاتساع ونمو الرفاهية في روسيا).

وكان بطرس الأكبر يحلم بحكم العالم إذ كان ينوي عرض فكرة تقسيم العالم على كل من فرنسا وايطاليا وكان متيقنا أن إحداهما ستوافق بدافع الطمع والغرور، وكان ينوي أن يستعمل إحداها (التي ستوافقه) للقضاء على الأخرى ثم يعود للأولى للقضاء عليها ويمتلك أروربا، كما كان يجهز خطة محكمة للقضاء على إنجلترا التي كانت تملك أقوى الجيوش والمعدات وذلك بضرب الهند درة الامبراطورية فتجوع أمة أصحاب الحوانيت كما كان يسميهم (أي انجلترا) لتسلم الى بطرس الذي يعلن نفسه إمبراطورا على العالم.
ومن هنا نستنتج أن بطرس الأكبر لم يكن مخلصا للكنيسة الأرثوذكسية عندما أعلن الحرب على الدولة العثمانية الإسلامية بل كانت هذه مجرد خطة ومرحلة في سبيل تحقيق هدفه الأكبر وهو السيطرة على العالم.

التعاليق

أحدث أقدم