نعلم جميعا أن المنهاج الدراسي هو مفتاح التعليم الجيد والناجح إذ بدون منهاج فعال لن نحصل على جودة التعليم ولن نحقق الأهداف المرجوة منه، لكن للأسف فكل متتبع للشأن التربوي ببلادنا يقف على العديد من مظاهر الاختلال، وسوف نتحدث في هذا الموضوع عن مظاهر الاختلال على مستوى الأهداف وعلى مستوى المضامين، على أن نتطرق إلى باقي المستويات في مواضيع لاحقة بإذن الله.
مظاهر الاختلال في منهاجنا الدراسي
مظاهر الاختلال في منهاجنا الدراسي
1- على مستوى الأهداف: 
يعتبر ضبط الأهداف المراد تحقيقها أهم لبنة لبناء المنهاج الدراسي لذلك ارتأينا أن نتطرق لها كأول نقطة في موضوعنا، لكن لماذا نولي كل هذه الأهمية في تحديد الهداف في المنهاج الدراسي؟ 
للإجابة على هذا السؤال سنعرض قول فيفيان دولاندشير: أن تربي يعني أن تقود، أي أن توجه نحو مرمى معين، لكن أن تقود وبدون اتجاه ما، غير كاف وحده، لأن مصير التربية في جوهره إيجابي، فنحن نربي من أجل الحق والخير والجمال، وليس من أجل الخطأ والشر والقبح. (Delandsheere V, 1982 p40) 
وهذا يعني أنه لا يمكن الحديث عن بناء منهاج دراسي دون تحديد مسبق ودقيق للأهداف والمرامي، لأن هذه الأهداف هي التي ستقودك إلى رسم معالم الإجراءات والعمليات اللاحقة.
2- على مستوى المضامين:
قبل الخوض في هذه النقطة لابأس من ذكر مواصفات المتعلمين في نهاية التعليم الابتدائي كما يحددها المنهاج:
- جعل المتعلم قادرا على التعبير السليم باللغة العربية.
- جعله قادرا على التواصل الوظيفي باللغة الأجنبية الأولى قراءة وتعبيرا والنطق باللغة الأجنبية الثانية.
- جعله قادرا على التواصل مع الآخر ومع المحيط الاجتماعي على اختلاف مستوياته (الأسرة - المدرسة) والتكيف مع البيئة.
- جعله قادرا على التنظيم (تنظيم الذات والوقت) والانضباط.
- جعله مكتسبا لمهارات تسمح له بتطوير ملكاته العقلية والحسية والحركية.
- جعله قادرا على استعمال الإعلاميات وعلى الاتصال والإبداع التفاعلي.
- جعله ملما بالمبادئ الأولية للحساب والهندسة.
إن هذه المواصفات التي يحددها مضمون المنهاج الدراسي لسلك التعليم الابتدائي تحيل إلى مقاربة التدريس بمدخل الكفايات. فإذا كانت الكفاية هي معرفة حسن التصرف من خلال تجنيد المتعلم للمعارف وتعبئتها ودمجه للقدرات والمهارات ثم التحويل في الوقت المناسب إلى إنجاز ملائم، فإن الميثاق الوطني يعتبر التدريس بمدخل الكفايات المدخل المناسب لتحقيق تعليم وتكوين جيدين ولربط المدرسة والجامعة بالمحيط الاقتصادي وتحقيق انفتاح المؤسسة التعليمية على واقعها.
إن الكم الهائل من المعارف التي مازالت مثقلة بها البرامج والمقررات الدراسية عبر مختلف المستويات وبجميع الأسلاك، يجعل قدرة التلميذ على اكتساب المهارات التي تسمح له بتطوير ملكاته العقلية والحسية والحركية في غاية الصعوبة.
إن هاجس الكم المعرفي كان حاضرا بقوة في بناء المنهاج الدراسي وبالتالي ظل أسير بيداغوجيا المحتوى رغم التصريح على مستوى الأهداف والتوجيهات بتبني بيداغوجيا الكفايات.
نتمنى أن يكون الموضوع مفيدا وغن شاء الله في موضوع آخر سنتطرق الى مظاهر الاختلال في منهاجنا الدراسي على مستوى الوسائط والوسائل التعليمية وكذلك على مستوى الكتاب المدرسي.

التعاليق

أحدث أقدم