تطورت الحضارة الأتروسكية على أنقاض الثقافة الفيلانوفية التي كانت محور موضوعنا السابق في نهاية القرن الثامن ق.م. اهتم الاغريق والرومان بدراسة، تاريخ الأتروسك والمدنية العظيمة التي خلفوها، فخصوهم بأبحاث هامة نجتزئ منها بذكر مصدرين لأصحابها شهرة واسعة، أولهما ارسطو الذي لم يغفل دراسة أنظمتها السياسية أما الثاني فهو الامبراطور كليوديوس في كتابه "حول التيرنيين" . إلا أن هذه المصادر كغيرها من الوثائق القديمة، عبثت بها أيدي الدهر وأطاحت بها، ولم يبق مما يتعلق منها بمدينة الاتروسك الزاهية، سوى نتف مبعثرة.
خريطة توضح انتشار الحضارة الإترورية والمدن الإثنى عشر للرابطة الإترورية
خريطة توضح انتشار الحضارة الإترورية والمدن الإثنى عشر للرابطة الإترورية

هناك العديد من الآراء حول أصل شعب الاتروسك فمنهم من يرجح كونهم قبائل أصلية ترعرعت هناك، أو من القبائل التي كونت حضارة فيلانوفا السالفة الذكر أي الذين وفدوا من الشرق واستوطنوا الشمال وراء جبال الأبنين وحتى كامبانيا، اعتمد الاتروسك نظام حكم ارستوقراطي تقوى من عائدات التجارة و الحديد والنحاس مما حفز الإتروسكانيين على التوسع في مناطق الجوار لكنهم اصطدموا مع الحضارة اليونانية، في بداية القرن السادس قبل الميلاد، عندما بدأوا يتوسعون في غاليا (فرنسا حاليا) وايبيريا(اسبانيا والبرتغال) مما اضطرهم للتحالف مع قرطاجة ألذ أعداء أثينا.

هذا الاحتكاك المتصاعد بين مدن اليونان العريقة و الأتروسك المتحالفين مع القرطاجيين أدى إلى نشوب معركة ألاليا عام 540 قبل الميلاد، لم تمل الكفة لأي من الطرفين لكن قرطاجة وسعت حدودها على حساب الإغريق، أما  في حدود النصف الأول من القرن 5 ق.م بدأ انحسار نفوذ الإتروسكانيين، فقد هزُمت اتروريا على يد مدن الجنوب الإيطالي ماجنا كريشا بقيادة سيراكيوز وبعد سنوات قليلة عام 474 قبل الميلاد، هزم الإتروسكانيين على يد طاغية سيراكيوز هيرو في معركة كاماي Cumea، وتوسعت حدود اتروريا حتى مدن لاتيوم وأضعفت كامبانيا واحتلت من قبل روما القوة الجديدة الصاعدة في المنطقة وغيرهم من الشعوب الأخرى،  وأخير بدأت روما تطويق المدن الإتروسكانية واحتلالها حتى انتهت دولتهم، واحتلت روما في آخر المطاف اتروريا في القرن الثالث قبل الميلاد.

التعاليق

أحدث أقدم