كثيرا ما نسمع عبارة" لقد حقق معجزة لقد غير قدره" هل فعلا نستطيع تغيير مسار أقدارنا؟ هناك حول العالم سباق محموم من أجل إطالة أمد الحياة بل هناك من هم أكثر تطرفا الذين يحاولون تغيير نواميس الحياة والوصول إلى تحقيق الخلود، الجميع يعلم أنها قصة قديمة نقلتها لنا الكتب السماوية وأن أول إغراء قدمه إبليس لآدم وحواء هو فتنة الخلود، وتتحدث الكتب القديمة عن إكسير الحياة المفقود والحياة الأبدية، وتجرى حاليا في أمريكا وأروبا عمليات تجميد لحديثي الوفاة من من يمتلكون أموالا طائلة في مختبرات متخصصة على أمل أن يستطيع العلم إيجاد إكسير الخلود لإعادتهم إلى الحياة.
هل نستطيع تغيير أقدارنا؟
هل نستطيع تغيير أقدارنا؟


إن كون الزمن نسبي يوضح لنا حقيقة مهمة أخرى، فهذه النسبية متغيرة وغير ثابتة إلى درجة أن فترة زمنية تبدو بالنسبة إلينا مليارات من السنين، قد تكون في بعد آخر مجرد بضع ثوان، وبالإضافة إلى ذلك فإن فترة زمنية طويلة من الزمن قد تمتد منذ بداية الكون إلى آخره قد لا تستغرق إلا ثانية أو أقل في بعد آخر.

هنا يكمن لب القدر وحقيقته التي لم يدركها كثير من الناس والتي لم يشأ الماديون فهمها، فالقدر هو علم الله التام بكل الأحداث الماضية والمستقبلية، ويتساءل كثير من الناس عن كيفية معرفة الله الأحداث قبل وقوعها ؟مما يؤدي بهم إلى عدم فهم حقيقة القدر ,فالأحداث التي لم تقع بعد فهي أحداث لم تقع بالنسبة إلينا فقط أما الله فهو خارج الزمان والمكان، فالماضي والمستقبل والحاضر بالنسبة إلى الله شيء واحد وكلها بالنسبة إليه سبحانه قد حدثت وانتهت. يتناول لينكولن بارنت كيف تقود نظرية النسبية العامة إلى هذه الحقيقة وذلك في كتابه (الكون وانشتاين)، ويرى أن الكون لا يمكن أن يطوق في سلطان شامل إلا بوجود "ذهن كوني" وما سماه هيجل ب "العقل الكلي" ويقصد بارنت بذلك الإرادة ونحن كمسلمين نسميها حكمة الله ومعرفته، فالله المهيمن على الكون ويعلم الزمن الذي نعيش فيه من أوله إلى آخره، تماما مثلما نرى نحن أيضا أول مسطرة ووسطها وآخرها وما بين ذلك من أجزاء، أما نحن البشر فنعيش هذه الاحداث حينما يحين زمانها فقط .


تجدر بنا الإشارة هنا إلى سطحية المفهوم الخاطئ للقدر ,السائد في المجتمع ومن جملة هذه المفاهيم الخاطئة ,اعتقاد باطل بأن الله قد كتب قدرا للإنسان إلا أن الناس يستطيعون أحيانا تغيير هذا القدر ,فعلى سبيل المثل عندما ينجو شخص من حادث قاتل بأعجوبة نقول "لقد انتصر على قدره" بيد أنه ليس في وسع أحد تبديل قدره، ومن تخلص من الموت فقد تخلص منه لأنه مكتوب عليه أن ينجو من الموت، وما هو إلا خداع للنفس أن يقول المرء "لقد تغلبت على قدري ".

فالقدر هو علم الله الأزلي الذي يجمع الأزمنة في آن واحد,فكل شيء بالنسبة إلى الله المسيطر على الأزمنة والأمكنة مقرر ومكتوب في اللوح المحفوظ .ونحن كمسلمون ندرك أن الزمن واحد بالنسبة إلى الله انطلاقا من العبارات القرآنية وأساليب القرآن الحكيم ,فبعض الأحداث التي ستجري في المستقبل بالنسبة إلينا قد حدثت منذ زمن بعيد وانتهت ونورد هما بعض الأمثلة:

بسم الله الرحمان الرحيم

وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَ‌ٰتِ وَمَن فِى ٱلْأَرْضِ إِلَّا مَن شَآءَ ٱللَّهُ ۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌۭ يَنظُرُونَ ﴿٦٨﴾ وَأَشْرَقَتِ ٱلْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلْكِتَـٰبُ وَجِا۟ىٓءَ بِٱلنَّبِيئينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِىَ بَيْنَهُم بِٱلْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴿٦٩﴾ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍۢ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴿٧٠﴾ وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓا۟ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَ‌ٰبُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌۭ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ ءَايَـٰتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا ۚ قَالُوا۟ بَلَىٰ وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ ﴿٧١﴾ سورة الزمر

وكما يتضح لنا فالأحداث التي سنعيشها بعد الموت (من منظورنا )قد وردت في القرآن الكريم على أنها أحداث جرت وانتهت ,ذلك أن الله خارج الزمن النسبي الذي نحن في داخله ,والله كتب كل الأحداث في اللازمان سبحانه وتعالى.

1 تعليقات

  1. ویوجد فی القرآن آیات تدل علی ان الخلود من افکار الشیطان.قال هود لقومه فی سوره الشعرآء؛اتبنون بکل ریع آیه تعبثون وتتخذون مصانع لعلکم تخلدون واذا بطشتم بطشنم جبارین فاتقوا الله واطیعون... وفی سوره الهمزه؛ویل لکل همزه لمزه الذی جمع مالا وعدده یحسب ان ماله اخلده.

    ردحذف

إرسال تعليق

أحدث أقدم