نحن نعلم الآن أنه يمكن تنمية أشكال الذكاء الإنساني المتنوعة وتطويرها وأننا نقبع دائما على حافة قفزة في الارتقاء الإنساني لم يشهد لها العالم مثيلا.والمؤشرات عديدة ومتزايدة على ذلك، حيث تستثمر 80 % من الشركات البريطانية نسبة لا بأس بها من أرباحها في الرفع من ذكاء وكفاءة موظفيها، أما في القوات المسلحة لعدد متزايد من الدول فقد أصبحت الفنون القتالية العقلية بمستوى أهمية المهارات الجسدية.

وتخصص الفرق الوطنية الأولمبية 30 % من تدريبها من أجل تطوير القدرات العقلية والاحتمالية والنظرية، كما صرفت الشركات الخمسة الأولى للحاسوب أكثر من بليون دولار من أجل تطوير مهارات موظفيها العقلية.
في كركاس كان الدكتور لويس ألبرتو أول أنسان يكلف بمهام منصب وزارة الذكاء مع تكليف حكومي للعمل على الرفع من مستويات القدرات العقلية لدى الأمة. فكل هذه الدلائل وغيرها تشهد على انبثاق عصر جديد من الذكاء المتبرعم سيغير من شكل العالم الذي نراه الآن.
عندما يسيطر الدماغ على  وظائف الجسم الحيوية
اقسام الدماغ و وظائفه

الدماغ العلوي والدماغ السفلي:

الدماغ العلوي، أو الدماغ الفكري، وطبيا يسمى قشرة الدماغ، وهو الغطاء المفكر المتجعد الذي يشبه بطانية سميكة متجعدة ملقاة على الدماغ السفلي المركزي. يعالج الدماغ العلوي النشاطات الفكرية، وتجدر الإشارة هنا إلى أننا عندما نتحدث عن الدماغ الأيمن والأيسر فإننا نعني يذلك الجانبين الأيمن والأيسر من الدماغ العلوي.
أما الدماغ السفلي وغالب يسمى اللاواعي، أو الدماغ القديم أو دماغ الزواحف كما يحلو لبعض التطوريين أن يلقبوه، ويمكن أن نسميه أيضا بالدماغ الغريزي أو العاطفي، فإنه يعالج الأنشطة اليومية التي لا يدركها الدماغ الواعي، مثل ضبط درجات حرارة الجسم وضغط الدم والموازنات الهرمونية والكيميائية داخل الجسم وعملية الهضم. كما يبدو أنه مسؤول أيضا عن المشاعر والعاطفة.

عندما يسيطر الدماغ العلوي على وظائف الدماغ السفلي.

حتى السبعينات من هذا القرن كان يعتقد بأن أن الدماغين العلوي والسفلي يعملان باستقلال نسبي وأنه لا يوجد للدماغ العلوي أي سيطرة على الوظائف الآلية للدماغ السفلي، خصوصا تلك الوظائف المتعلقة بضبط العمليات الجسدية.
لكن في عام 1970 زار سوامي راماSwami Rama وهو هندي من اليوغي مؤسسة مينينغر, حيث كان الباحثون يقومون بدراسات استكشافية في مجال محبب جدا للجنس البشري, وهو سيطرة العقل على الجسد . وفي أثناء سلسلة التجارب التي أجريت على سوماي راما ربط بأسلاك لقياس ذبذبات دماغه وتنفسه وإمكانيات جلده ومقاومته وسلوك قلبه وتدفق دمه في يده ودرجة حرارته. فبينت الاختبارات أنه أحدث تغييرا في درجة منطقتين متباعدتين من يده اليمنى باتجاهين متعاكسين، وصل الفارق في درجة الحرارة إلى حوالي 2 درجة مئوية ، واستطاع أن يحافظ على هذا التغيير إلى أن أصبح 5 درجات حرارية ( 10 فهرنهايت).
كما استطاع سوماي راما ان يوقف قلبه عن ضخ الدم إلى جسده، وقد اعتقد كل من الباحثين أليس غرين وديل والتزر أن قلبه سيتوقف عن النبض فعليا. لكن بدل ذلك بدأ قلبه يضرب بسرعة 300 نبضة في الدقيقة دون أن يملأ حجرات قلبه أو أن تعمل صماماته. كما استطاع سوماي راما أن يسيطر بعقله على ذبذبات دماغه!
تعرفنا هذه التجارب وتجارب أخرى أنه يمكن للدماغ العلوي أن يبرمج الدماغ السفلي ويؤثر بذلك في صحة الجسم والأداء الرياضي والقدرات العقلية والتحفيز وقدرة الإرادة.
في الواقع إن هذه القدرات تعد، في العديد من المجتمعات البدائية، حقيقة قائمة، رغم عدم ربطها بالدماغين العلوي والسفلي. مثلا، يوجد عند الأبوريجين في أستراليا ما يمكن اعتباره شكلا من العدالة المتقدمة حتى على مجتمعاتنا المعاصرة. إذ ارتكب أحد أفراد القبيلة جرما يستوجب، حسب تقدير القبيلة والفرد المعني، عقوبة الموت، فإنهم يناقشون المسألة أولا ويصلون إلى اتفاق جماعي يذهب بناء عليه المدان إلى منطقة بعيدة ويبدأ باستخدام قوة دماغه لتدمير عمليات جسده واحدة تلو الأخرى إلى أن يعدم نفسه بنفسه، وكل هذا يتم في غضون يوم واحد.

وعلى الطرف النقيض يشفى بعض المرضى من المرض والإعاقة بشكل عجائبي يعزى لاحقا إلى قواهم العقلية. كذلك يمكن للعديد من الأطفال أن يسببوا لأنفسهم، عند اقتراب الامتحانات نزفا في أنوفهم أو تغييرا في درجات حرارة أجسادهم أو التقيؤ أو التشنج وعدد من الحساسيات الجلدية. ويبدو من كل حادثة من هذا النوع أن الدماغ العلوي يسيطر على الدماغ السفلي ليحدث النتيجة المرجوة.

المراجع
Meditation and Its Practice Livre de Swami Rama    
Les pouvoirs de l'esprit de Michel Le Van Quyen

التعاليق

أحدث أقدم