لماذا الفضاء مكون من ثلاثة أبعاد مكانية فقط؟ ولماذا لا يكون هناك أكثر أو أقل؟ ظل هذا السؤال، يؤرق العقول الجبارة على مر العصور، من فيزيائيين وفلكيين وحتى فلاسفة.
لماذا الفضاء مكون من ثلاثة أبعاد مكانية فقط؟
لماذا الفضاء مكون من ثلاثة أبعاد مكانية فقط؟

اعتبر إسحاق نيوتن الفضاء خشبة مسرحية، تتفاعل فيها المادة، وتتحول من حالة إلى أخرى، وتتشكل وفق الأبعاد المكانية لهذا الفضاء، والمتمثل في الطول والعرض والارتفاع. وجاء بعده أينشتاين، ليضيف لهذه الأبعاد المكانية عامل الزمن، كبعد رابع وأثبت أن هذه الأبعاد الأربعة، تكون نسيجا أسماه بالزمكان.

التيرموديناميكا تفسر اتجاه سهم الزمن إلى المستقبل

ارتبط الزمان بالمبدأ الثاني للتيرموديناميك، وذلك لأن سهم الزمن دائما موجه نحو المستقبل، لأننا نرى الأحداث دائما في اتجاه واحد نحو الأمام. ويرجع السبب في ذلك إلا أن الأنتروبية (مقدار يصف عشوائية نظامٍ معين) لا تتناقص في الأنظمة المغلقة، كما هو الحال بالنسبة لكوننا. فالكون في بدايته كان شديد النظام والترتيب، ولكنه بدأ يفقد هذا النظام شيء فشيء، لذلك لا يمكننا أن نرى الأحداث تسير بشكل عكسي أي تعود إلى الماضي. يرى العلماء، أن المبدأ الثاني للتيرموديناميك لا يفسر لنا سهم الزمن فحسب، بل يفسر لنا أيضا لماذا الفضاء ثلاثي الأبعاد.

التيرموديناميكا تفسر سبب وجود ثلاث أبعاد مكانية فقط

استطاع مؤخرا علماء من المعهد الوطني للفنون المتعددة بمكسيكو National Polytechnic Institut وآخرون من جامعة Salamanca بإسبانيا، التوصل إلى تفسير منطقي يتفق مع النموذج الفيزيائي للكون.
تقول جوليان غونزاليز أيالا Julian Gonzalez-Ayala إحدى المشاركات في هذا البحث،  أن وجود ثلاث أبعاد مكانية، يعود بالأساس إلى مقدار الطاقة الموجودة في الكون والتي تضغط عليه في كل نقطة منه، وتعرف هذه الطاقة باسم طاقة هلمهولتز الحرة Helmholtz free energy density و تقيس طاقة هلمهولتز مقدار العمل الذي نستطيع أن نحصل عليه من نظام ترموديناميكي مغلق.و تساوي طاقة هلمهولتز الطاقة الداخلية للنظام الترموديناميكي U مطروحاً منها حاصل ضرب درجة الحرارة المطلقة T.
استطاع فريق العمل أن يؤكد، أن كثافة هلمهولتز قد بلغت أقصى حد لها عند درجات الحرارة العالية جدا التي تلت الانفجار العظيم أي قبل الثانية الأولى لهذا الانفجار. وفي هذه اللحظة بالذات تشكلت الأبعاد الثلاثة للمكان، وتجمدت على هذه الحالة مع انخفاض درجات الحرارة.
فلو كانت درجات الحرارة في اللحظات الأولى للانفجار، أكثر مما كانت عليه لتشكلت أبعاد إضافية، والعكس أيضا صحيح. وكما نعلم، فحرارة الكون استمرت في الانخفاض إلى يومنا هذا، مما لن يسمح بإضافة أبعاد مكانية أخرى.
وقد شبهت جوليان تكون الأبعاد المكانية، بالحالات الفيزيائية للماء فهذا الأخير يحتاج إلى درجة حرارة °C 100 ليتحول الى بخار وتكفيه الدرجة °C 0 ليصبح ثلجا.

النموذج الجديد للكون يفسر الأبعاد الإضافية التي تنبأت بها نظرية الأوتار الفائقة

إذن فإضافة بعد مكاني أخر يحتاج إلى تجاوز الحرارة الحدية، التي تلت الانفجار العظيم. وهذا ربما يفسر ما تنبأت به نظرية الأوتارSuperstring theory التي تحدثنا عنها سابقا. والتي تقول بوجود سبعة أبعاد مكانية إضافية، زيادة على التي نعرفها. لكنها أبعاد ما تحت ذرية تسمح للجسيمات المتناهية في الصغر أن تنتقل وتتذبذب من خلالها، فدرجات الحرارة في اللحظات الأولى، لم ترتفع إلى الحد الذي يسمح لهذه الأبعاد الميكروية بالتضخم، للوصول إلى الحجم الذي يمكن أن يظهر للعيان. يقول العلماء أنه لا يزال أمامهم الكثير من العمل للوصول إلى نموذج متكامل يسمح لهم بتفسير الكون بشكل قاطع.    

المجلة العلمية Discovery

2 تعليقات

  1. تشكر علي طريقة سرد المعلومات والشرح مقال جميل تشكر عليه

    ردحذف
  2. شكرا أخي العزيز نحن دائما في خدمتكم

    ردحذف

إرسال تعليق

أحدث أقدم