زوار مدونة محيط المعرفة الأفاضل سلام الله عليكم
بعد أن تحدثنا عن الأخطاء الشائعة في العقيدة الإسلامية، رأيت هذه المرة أن أكتب موضوعا عن تاريخ الإنجيل أوالأناجيل إن صح التعبير، ولا بأس أن نلقي نظرة موضوعية عن تاريخ اليهود وعن ملابسات تلك الفترة، كلمة انجيل لفظة يونانية معربة ومعناها البشرى أو  الخبر السار. ومن المتفق عليه أن السيد المسيح لم يكتب إنجيلا ولم يطلب من تلاميذه أن يكتبوه . ونجد الآن بين أيدينا أربعة أناجيل وهي (متى) و (مرقس) و (لوقا) و (يوحنا) ونتساءل كيف وصلت إلينا تلك الأناجيل بصورتها الحالية؟
تاريخ الإنجيل
تاريخ الإنجيل


الإنجيل الشفهي:
يقول أ. كولمان فى كتابه العهد الجديد:
بقي الإنجيل طيلة ثلاثين أو أربعين عاما فى شكله الشفهي فقط على شكل أقوال وروايات منعزلة وقد نسج المبشرون كل على طريقته وبحسب شخصيته الخاصة واهتماماته اللاهوتية الخاصة، الروابط بين هذه الروايات.
أى أن إطار الأناجيل أدبي الطابع وليس له أساس تاريخي ويؤكد ذلك القمص ميخائل مينا قائلا:
لسنا نوضح خافيا إذا قلنا أن الكنيسة لبثت مدة طويلة بلا أسفار محررة بوحي إلهي فهي ولا ريب كانت فى هذه الفترة تسير بحسب التعليمات التي تسلمتها شفويا من الرسل. 
وهو نفس رأي الكنيسة البروتستانتية الذي يقول:
 وقبل تدوين الإنجيل كتابة كان الإنجيل الشفهي. 
أي نقل البشرى شفهيا على لسان الرسل وتلاميذهم. وتؤكد ذلك مقدمة الترجمة المسكونية للعهد الجديد ، فتقول:
وبهذا جمع المبشرون وحرروا كل حسب وجهة نظره الخاصة، ما أعطاهم إياه التراث الشفهي.
إذاً من المتفق عليه كما رأينا أن أقوال المسيح وأخبار الأحداث التي مر بها تناقلت شفاهة معتمدة على الذاكرة فقط لمدة طويلة كما يصفها القس ميخائيل مينا وبفترة من ثلاثين إلى أربعين عاما كما يحددها أ. كولمان.

ويقرر وليم باركلي أستاذ العهد الجديد بجامعة جلاسكو أن انجيل مرقس هو أقدم الأناجيل المكتوبة. ويذكر ليون موريس فى تفسيره لإنجيل لوقا أن معظم الكتاب يقرون أن إنجيل مرقس هو أول البشائر الأربع ويعتقدون أن الأولوية لهذا الإنجيل، ويؤكد ذلك الرهبان اليسوعيون، من المؤكد أن تلاميذ المسيح الاتثى عشر الذين سمعوا أقوال المسيح مباشرة وعايشوا الأحداث التي مر بها، هم ناقلي التراث الشفهي أو الإنجيل الشفهي للآخرين.

ونتساءل هل كان كل هؤلاء التلاميذ على مستوى تلك المسئولية من قوة الفهم وثبات الإيمان والإخلاص لمعلمهم وتعاليمه؟

إن الأناجيل تروي لنا أن السيد المسيح كان دائم التوبيخ لهؤلاء التلاميذ لسوء فهمهم وقلة إدراكهم وضعف إيمانهم وتشككهم الدائم فيه، رغم أنهم أقرب الناس إليه.
يقول إنجيل مرقس:
"فقال لهم المسيح أفأنتم أيضا هكذا غير فاهمين" 
أما عن إيمان هؤلاء التلاميذ فدعنا نستعرض أقوال المسيح عن ذلك، يقول إنجيل متي
(ثم تقدم التلاميذ إلى يسوع على انفراد وقالوا لماذا لم نقدر نحن أن نخرجه - شيطان فى جسد غلام - قال لهم يسوع لعدم إيمانكم) 17:19.
وفى مناسبة أخرى
"فقال لهم ما بالكم خائفين يا قليلي الإيمان" متي 16 : 8 
ووبخ المسيح تلاميذه قائلا
"أيها الجيل غير المؤمن الملتوى، إلى متى أكون معكم، إلى متى احتملكم" متى 17 : 14 وكذلك (كيف لا إيمان لكم) مرقس صح 4 : 40 
كما أن المسيح انتهر بطرس أحد هؤلاء التلاميذ قائلا له
 (اذهب عني يا شيطان لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس) مرقس 8: 33.
وبالطبع لا أحد ينسى خيانة يهوذا الأسخريوطي أحد هؤلاء التلاميذ للمسيح مقابل القليل من الفضة:
(حينئذ ذهب واحد من الاثني عشر الذي يدعى يهوذا الاسخريوطي الى رؤساء الكهنة وقال ماذا تريدون أن تعطوني وأنا أسلمه إليكم: فجعلوا له ثلاثين من الفضة) متى 26 : 14 - 15.
إذا كان تلاميذ المسيح الاثني عشر هم حاملي التراث أو الإنجيل الشفهي، فهكذا كان فهمهم وهكذا كان إيمانهم. إن الاعتماد على الذاكرة وحدها لمدة 32 عاما على الاقل فى حفظ الانجيل الشفهى بالإضافة الى سوء فهم التلاميذ و ضعف إيمانهم والاضطهاد وعدم الاستقرار وتدخل وجهات النظر المختلفة لكتاب الاناجيل كل ذلك تضافر ليؤدى الى وجود متناقضات فى نصوص الاناجيل وأمور غير معقولة ودعاوى معاكسة لامور تم التحقق منها.
ويتساءل فولتير15 فى مقال بعنوان المتناقضات:
من خول الكنيسة سلطة الحكم بأن أربعة فقط من الخمسين إنجيلا التي دونت فى القرن الأول هى وحدها - أى الأربعة المعتمدة - موحي بها من عند الله؟
(من الأناجيل المستبعدة: إنجيل بطرس - إنجيل اندراوس - إنجيل فيلبس - إنجيل برتولماوس - إنجيل توما - إنجيل يعقوب - إنجيل ماتياس - إنجيل المصريين -- إنجيل برنابا - انجيل العبريين - انجيل نيقوديموس - انجيل الطفولة 16 .. . إلخ.
يقول إنجيل متى
(ولما ولد يسوع فى بيت لحم اليهودية فى أيام هيرودس الملك) إصحاح 2 .
أي أن السيد المسيح عيسى بن مريم (أو يسوع وبالعبرية يشوع) 19 ولد قبل وفاة الملك هيرودس الملقب بالكبير.
ومن المؤكد تاريخيا أن الملك هيرودس هذا قد توفى فى السنة الرابعة قبل الميلاد (4ق.م)  فى أواخر شهر مارس فى مدينة أريحا. وعلى ذلك يكون ميلاد السيد المسيح قبل السنة ا ويتسائل ديدرو و هل ثمة شئ أشد حمقا وسخفا من أن إلها يموت على الصليب ليهدئ من غضب الله على رجل وامرأة (آدم وحواء) ماتا منذ آلاف السنين.

ويضيف جان مسلييه أى رجل عاقل يصدق أن الله لكي يسترضي البشر ويستميلهم يمكن أن يضحي بابنه البرئ الذي لم يرتكب إثماً.
ويقول سيجموند فرويد257: إن تضحية المخلص بنفسه كإنسان برئ تشويها متعمدا واضحا يصعب التوفيق بينه وبين التفكير المنطقى فكيف كان من الممكن أن يأخذ إنسان برئ على نفسه ذنب القاتل بأن يسلم نفسه للقتل ، ويضيف فرويد بأن للتراث الأسطورى الشرقي والأفريقي أثره على تشكيل وهم الخلاص هذا.

إن المنطق والعرف يقران بأن المخطئ هو الذي يقدم قربانا إلى الله تكفيرا عن خطئه ولكن العقيدة المسيحية تقول أن الله هو الذي قدم نفسه قربانا إلي نفسه وما على أولاد آدم إلا الإيمان فقط بذلك لكي تعود طبيعتهم الشريرة إلي الخيرة ويسقط عنهم العذاب الأبدي.
ويقول فولتير أن الله بعث بابنه ليخلص البشر ولكن الأرض والإنسان بقيا على ما هما عليه على الرغم من تضحيته.
بالفعل لقد آمن ملايين المسيحيين بتلك التضحية ومازال الشر فى تصاعد وكانت حصيلة حربين عالميتين وملايين من القتلي والجرحى.ناهيك عن المذابح بين الكاثوليك والبروتستانت ويقول هوج دي جروت,كنت أرى فى العالم المسيحي أفراطا فى الحروب لو اقترفته الشعوب البربرية لكان مثارا لخجلها.

إن الواقع المحسوس والمنظور يثبت إن الطبيعة البشرية لم تتغير إلي الأحسن إن لم تكن إلي الأسوأ فالجريمة منظمة والشذوذ الجنسي أصبح مباح فى أوروبا وأمريكا والذين يمارسونه أضعاف أهل لوط.
والزنا تنظمه قوانين صحية ومنظمات رسمية غير الذي يمارس تحت شعار الصداقة. فأين الدم الذي سفك؟ وما كانت نتيجة الإيمان به؟ إذا سلمنا بمصداقية انجيل متى.

 المراجع المعتمدة:                                                               

  1. قصة الحضارة: ول ديورانت
  2. التاريخ الوسيط: كانتور
  3. موسى ورسالة التوحيد: سيجموند فرويد

التعاليق

أحدث أقدم