عزيزي القارئ ربما قد سبق لك وشاهدت فيلم عقل جميل A Beautiful Mind ، المقتبس عن قصة حقيقية لعالم الرياضيات والاقتصاد جون ناش، الذي عانى من اضطراب عقلي جعله يختلق شخصيات وهمية لا وجود لها كضابط المخابرات الأمريكي الذي كان يزوره من وقت لآخر، ليفك له بعض الشيفرات لاختراق الأجهزة الأمنية الروسية ابان الحرب الباردة، بعدها كلفه بمهمة جديدة للبحث عن نماذج في المجلات والصحف، ظاهريا لمنع وجود مؤامرة سوفيتية.يجب عليه أن يكتب تقرير بما يعثر عليه وأن يضعها في صندوق بريد محدد.بعد أن طارده عملاء روس وتبادلوا إطلاق النار، أصبح ناش مصابا بـ جنون الارتياب وبدأ في التصرف بشكل متقلب.  لكن قصة ناش الحقيقية تخبر بأنه لم يعاني من هلوسات بصرية بل فقط من الهلوسات السمعية.
اشهار فيلم الذات المنقسمة Split

ونأتي للنمودج الثاني  وهو فيلم  الفيلم Split والذي تدورأحداثه حول رجل يعانى من اضطراب الهوية الانفصامية أو كما هو متعارف عليه انفصام الشخصية؛ بوجود 23 شخصية مختلفة على الاقل بداخل عقله من ضمنهم امرأة وطفل في عمر التاسعة، يحاول الفيلم أن يقنعنا بالقدرات الهائلة للعقل البشري، حيث تظهر في آ خرالفيلم شخصية الوحش الذي يتمكن من السيطرة على 22 شخصية الباقية. ليس ذلك فحسب بل امكن لهذه الشخصية من أن  ترفع من قدرات جسم المريض بالشيزوفرينيا إلى حدود التطرف، بحيث نمت عضلاته فجأة و بدأ يتسلق الجدران ، ويثني القضبان الفولاذية. من الواضح أن كاتب قصة الفيلم إنسان متشبع بأفكار نيتشة وميلاد الإنسان الخارق أو السوبرمان، وبأفكار العصر الجديد المتمثلة في القدرات اللامحدودة للعقل الباطن.

الشيزفرينيا من منظور علم النفس 

الشيزوفرينيا ببساطة هي خلل يصيب جهاز الادراك عند الإنسان، بحيث يحس بانطباعات حسية دون وجود مثير خارجي، وتحدث عندما تسمع أو تشم ، أو تشعر أو ترى شيئاً ولكن في الحقيقة لا يوجد شيء حقيقي على أرض الواقع . وأكثر أنواع الهلوسة شيوعا هو سماع الأصوات وهذه الأصوات تكون بالنسبة للشخص المصاب بالفصام مثل الحقيقية تماما وهى بالنسبة له تأتى من محيطه الخارجي وهذه الأصوات قد تخاطبه وتتحدث إليه وقد تكون حوار يتحدث عنه أو هو المقصود به وهذه الأصوات قد تكون مسلية أو مزعجة وقد تحمل كلمات أو ألفاظ نابية وقد يستجيب الشخص المصاب بالفصام إلى هذه الأصوات بتنفيذ ما تطلبه منه رغم إدراكه ما في ذلك من خطأ أو إيذاء لنفسه وقد لا يستجيب ولكنه يشعر حين ذلك بالكآبة , وقد فسر العلماء والمتخصصين هذه الأصوات على أن مصدرها هو نشاط لنفس المنطقة بالمخ التي تفسر الأصوات القادمة من المحيط الخارجي عند الشخص الطبيعي ولكن في حالة الإصابة بالفصام تكون الإشارات الواردة لهذه المنطقة من داخل مخ الشخص المصاب وليس من المحيط الخارجي وقد اعتمدوا في تفسيرهم على رصد نشاط المخ للأشخاص المصابين . ويوجد أنواع أخري للهلوسة منها الهلوسة البصرية  والتي تعنى رؤية أشياء بالعين دون وجودها ، والهلاوس التي تتعلق باللمس  والتي تعنى شعور الشخص بأن أحدا أو شيئا يلمسه دون وجود ذلك على أرض الواقع, وقد تكون الهلاوس متعلقة بحاسة الشم وذلك عند شم أشياء دون وجود مصدر حقيقي تنبعث منه الروائح التي يشمها المصاب بالفصام. أما أسباب المرض فكثيرة أهمها الوراثة ، فترة النمو ما قبل الولادة ، البيئة الاولية المتعرض لها ، نمو الأعصاب و وظائفها ، العمليات النفسية و الاجتماعية من العوامل المساهمة المهمة، لكن ما يميز المصابين بهذا المرض هو ظهور خلل في افراز الدوبامين  حيث يفرز هذا الهرمون بطريقة مبالغ فيها، لذا المصابين بالشيزوفرينيا.الشيء الذي يجعل المريض يتخيل أنه يسمع أو يري أو يشعر بأشياء غير موجوده و يفكر بشكل غير منطقي.
تساعد الأدوية في التقليل من أعراض المرض المزعجة، مع العلاجات المساعدة الأخرى مثل دعم الأهل والأصدقاء ، والعلاج النفسي . الأدوية تساعد في التقليل من الأوهام والهلوسة بالتدريج على مدى بضعة أسابيع وتساعد على التفكير بشكل أكثر وضوحا ومن قدرة المريض على الاعتناء بنفسه .
وإذا كانت أسباب اجتماعية أو خلافه، يجب محاولة وضع الإنسان في وضع يتواءم مع بيئته، هذا أمر ضروري، ويتم ذلك عن طريق العلاج النفسي التدعيمي والمساندة والاستبصار.

                          المصادر
"Schizophrenia". National Institute of Mental Health. January 2016.
Development: Susceptibility to Psychiatric Illness". Front Psychiatry (Review)
"Pharmacologic treatment of schizophrenia".

1 تعليقات

  1. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف

إرسال تعليق

أحدث أقدم