بقلم: تامر الملاح.
من مقالات الأستاذ الباحث تامر الملاح: صيانة الجسد والروح في رمضان.
قد يتعجب البعض من عنوان مقالتي هذه المرة، ولكنها بالفعل تصف حالاً وواقعاً كاد من حجم مرارته أن ينفجر، فالشعوب التي تسعى للتقدم دائماً ما تبحث عن تطوير ثقافاتها وقومياتها بحثاً عن حضارة من شأنها أن تكون في مصاف الدول المتقدمة، وعلى الجانب الأخر تجد دولاً أخرى تعيش بروح "الأنتخة"، أو الإجهاض المتعمد علمياً وثقافياً.

العنوسة الثقافية
العنوسة الثقافية

فالعنوسة الدارجة وخاصة بين البشر هي تعبير عام يستخدم لوصف الفتاة التي مر عليها سن الزواج ولم تتزوج، أو الرجل أيضاً في بعض البلاد، ولكن ماذا لو فاتك سن الثقافة والعلم، ومرت عليك فرص التعلم ولم تغتنمها، وجاءت إليك ظاهرة بينه واضحة وتعمدت التكاسل وأن تعيش روح الشخص العانس الذي فاته القطار علمياً أو اجتماعياً.

عنوسة الثقافة مصطلح يمكن أن نطلقه على فئة أُتيحت لها فرص التعلم والتثقف ولم تفعل أي شئ سوا أنها تنظر وتصاب بحالة من اللامبالاة فقط، فما بين طالب يبحث عن الراحة لعقله، وما بين باحث يبحث عن الدرجة فقط، وبين كبير سن تكاسل عن القراءة في أمر خاص بصحته، وبين إمرأة لم تتثقف في عقل رجل تقدم للزواج منها، ومعلم تكاسل عن تطوير ذاته، ومدير لم يسعى لوضع خطط جيده لقلة ثقافته، تكمن الكثير من حالات العنوسة.
عنوسة العلم والمعرفة.... الأمية بالتعمد والإهمال العلمي والتكاسل المعرفي جعلتنا نقف على مهب الريح حتى أتت السفن بما لم تشتهي البلد، فما بين استغفال واستغلال للجهل والأمية، وتعمد التجاهل والابتعاد عن الدوائر الهامة تضيع بلاد، وترحل حضارات، وتختفي قيم، وتندثر طموحات، وتفوح في الأفق روائح الدجر والتخلف والأمية والفقر العلمي.

فمنذ الزمن البعيد تربينا على سبيل المثال أن الأنثى يجب أن لا تذهب إلى المدرسة، وتجلس في المنزل تواجه مصير الأمية بحجة الخوف عليها، وتبدأ رحلتها مع الحياة بعنوسة القراءة والكتابة، وبالتبعية تكبر الفتاة وتتزوج من من هم على نفس مستواها، ومن ثما يكون النسل أضعف مما نتخيل، لذلك علينا مواجهة العنوسة الفكرية بكل أشكالها.

حاربوا عنوستكم بالتعلم وطلب المعرفة في كل وقت وكل حين وكل مرحلة من حياتكم، فبالعلم وحده ترتقوا، وتستطيعوا تفسير ما يدور حولكم... ولا تشعروا وكأنكم يتم الاستخفاف بكم، وتجهيلكم... تعلموا يرحمكم الله، لا تعطوا الفرصة لغيركم كي يستخف بعقولكم، ويتجاهل قدرتكم على فهم الأمور.

فنحن في عام 2017 وما زال مجتمعنا يعاني من الأمية، وهذا إن دل على شئ فإنه يدل على فشلنا على مر العصور في إدارة الأزمة، والتعامل معها... لنا الله.

2 تعليقات

  1. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  2. بسم الله الرّحمن الرّحيم :
    نعم ، البعدُ عن التثيقيف الذّاتي هو العدو الأوّل للإنسان ، فكلما كان مستوى ثقافته متدنٍ كانَ تفكيرهُ سطحي وهش، والعكس صحيح . فلتكنْ الثقافة نهجٌ نسعى له لنتخلصَ من ظاهرة عنوسة الثقافة المُظلمة .

    ردحذف

إرسال تعليق

أحدث أقدم