الحضارة الفينيقية

يرجح أن يكون الفينيقيون من أصل كنعاني، الذين ينتسبون بدورهم إلى الشعوب العربية السامية، التي هاجرت حوالي 2500 قبل الميلاد من اليمن إلى منطقة سوريا.
الموانئ ومناطق انتشار الحضارة الفينيقية
الموانئ ومناطق انتشار الحضارة الفينيقية

وقد أطلق اليونان اسم الفينيقيين على التجار الكنعانيين الذين كانوا يتاجرون معهم. وكانوا يسكنون السواحل الشمالية لبلاد الشام، ولعل اسم الفينيقيين مستمد من كلمة (فينيكس Phoenix) وتعني اللون الأحمر الأرجواني الذي كان يستخرج من حيوانات بحرية لصبغ الأقمشة المطرزة.

إن السهل الداخلي الضيق في منطقة لبنان كما تعرف اليوم كان الموطن الذي اختاره ذلك الفرع الكنعاني الذي عرف باسم الفينيقيين. نقول هذا السهل الساحلي الضيق لم يكن كافيا لإطعام سكانه، فاتجه الفينيقيون إلى البلدان المجاورة يستوردون منها، وإلى البحر يبحثون فيه عن رزقهم، كما وفرت لهم جبال لبنان الأخشاب اللازمة للتصدير وبناء السفن. وقد اتجهوا برحلاتهم إلى قبرص، التي احضروا منها النحاس والمنتوجات الزراعية ثم إلى مصر فأقاموا المستودعات والمحطات التجارية فيها، ثم تحولوا شمالا إلى رودس وجزيرة كريت وبحر إيجة، واحضروا منها الأسماك المملحة، والذهب والفضة والرصاص والقصدير... ثم اتجهوا إلى مالطة وصقلية ثم عبروا مضيق الزقاق (جبل طارق حاليا) ثم إلى بحر الظلمات (الأطلسي) فسواحل إنجلترا الجنوبية. وتذكر المصادر أن الملاحين الفينيقيين طافوا حول افريقيا بتكليف من أحد فراعنة مصر يطلق عليه اسم (نيخاو)، كما اقتبس عنهم اليونانيون صناعة السفن التي برعوا فيها.

وما إن جاء القرن العاشر قبل الميلاد حتى كان الأسطول الفينيقي يسيطر على البحر الأبيض المتوسط كله. وكانت المستعمرات الفينيقية تنتشر على شواطئه، واسست المدن العديدة في صقلية، وسردينيا، ومالطا، وجزر البليار، فرنسا، اسبانيا، وشمال افريقيا. وهذا الامتداد جعل التأثير الفينيقي يتسع ليشمل معظم البحر الأبيض المتوسط.

إن التأثير الفينيقي يشمل المظاهر المادية للحياة كالصناعات والمنجزات الفنية. ويشمل إضافة إلى ذلك بعض مظاهر الفكر كالكتابة التي تشكل أصل الكتابات الأوربية. فقد نقل الفينيقيون إلى كريت واليونان الملابس المصبوغة، والزجاج والأواني الخزفية.
ولكن أهم ما أعطاه الفينيقيون للحضارة الإنسانية بشكل عام وإلى الحضارة اليونانية بشكل خاص هو الأبجدية والحروف الهجائية. حيث عثر عندهم على أبجديتين الأولى في اوغاريت 1400 ق.م مكونة من 30 حرفا وأخرى في جبيل مكونة من 22 حرفا.

وفي القرن 9 ق.م نقل اليونان هذه الأبجدية وادخلوا عليها بعض التعديلات. وما تزال بعض الأحرف اليونانية تحمل نفس الأسماء الفينيقية (ألفا، بيتا) ومن اليونان انتقلت هذه الأبجدية إلى الرومان.

وكان من المؤكد أن هؤلاء القوم كانوا من انشط الوسطاء التجاريين، الذين أسهموا في نشر الحضارات على شواطئ البحر الأبيض المتوسط. إذ كانت سفنهم تحمل الأفكار والآلهة والفنون، وتصل ما بين الحضارات في بلاد ما بين النهرين ومصر، وأسيا الصغرى واليمن واليونان.

 إلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية موضوع الحضارة الفينيقية، ونضرب لكم موعدا آخر مع موضوع جديد على مدونتكم الثقافية محيط المعرفة.                     

المصدر
تاريخ حضارات العالم
للكاتب: شارل سنيوبوس

1 تعليقات

  1. الحضارة الفينيقية من أهم وأقوى الحضارات التي مرت، شكرا لكم

    ردحذف

إرسال تعليق

أحدث أقدم