كان الكتاب المدرسي في الماضي القريب يشكل أداة تعليمية ضرورية وأساسية في العملية التعليمية التعلمية، لكن في السنين الأخيرة وفي ظل التطور الرقمي السريع، أصبحت قيمة الكتاب المدرسي تقل ودوره يتلاشى بعض الشيء، فكيف يمكن جعل الكتاب المدرسي أداة تعليمية ناجعة وفعالة في عالم متطور ومتغير باستمرار؟

الكتاب المدرسي
الكتاب المدرسي

إن الكتاب المدرسي لا يمكن أن يؤدي دوره الناجع والفعال ما لم يشارك في إعداده وتهيئته مجموعة من ذوي الاختصاص، على رأسهم المختص في اللسانيات، والمختص في البيداغوجيا والمختص في السيكولوجيا والسوسيولوجيا والمختص في الديداكتيك، والمختص في الدراسات المستقبلية، وغيرهم من المختصين في الجوانب التقنية والشكلية من طباعة وإخراج وغيرها، من أجل مساهمة الجميع في صنعه وإنتاجه، حتى يأتي الكتاب المدرسي مخاطبا عقلية التلميذ ووجدانه وثقافته وعصره، ومستثيرا لديه الدافعية في اقتنائه وقراءته بشوق كبير.
إن الكتب المدرسية التي تنتجها الدول المتقدمة تجعلك تتصفحها رغم عدم توجهها إليك، بسبب جودة صنعها وتطور إخراجها وصورها ونظام عرض معلوماتها، ناهيك عن جوانب مضامينها التي تخاطب شخصية المتعلمين في كليتها.
والجانب الأساسي الثاني الذي يساعد على جودة العملية التعليمية بالاعتماد على الكتاب المدرسي هو مراعاة هذا الأخير لطبيعة المتعلمين الذين ينطلقون في تعلمهم من جهدهم الذاتي؛ فلا ينبغي أن يقتصر الكتاب على عرض المعلومات دون أن يشارك معه المتعلم في بنائها واكتسابها، وينبغي أن يتم ذلك بطريقة تدريجية تراعي أساليب اشتغال عقل التلميذ.
كما أنه من شأن الكتاب المدرسي الجيد أن يكون نقطة انطلاق وجسرا للتواصل بين مختلف المواد الدراسية الأخرى التي يتعلمها المتعلم، فضلا عن تحفيزه لربط معارفه بوسطه الطبيعي والاجتماعي.

خلاصة

ان الكتاب المدرسي الجيد لا يمكنه أن يكون كذلك ما لم يراع في إعداده إلى جانب الشروط التي تمت الإشارة إليها، عناصر أخرى، تقنية وجمالية، فضلا عن استيفائه لمجمل الخطوات المنهجية التي ينبغي أن يقطعها قبل استخدامه في المؤسسات التعليمية وتعميمه، إذ لا بد من إجراء دراسات ميدانية على جدواه وفاعليته بتطبيقه على عينة محدودة من المؤسسات التعليمية، لمعرفة مدى توافره على الشروط الأساسية التي يتوخاها استعماله. 
كما لا ينبغي إصدار أي كتاب مدرسي يوجه إلى التلميذ دون أن يرافقه دليل خاص موجه إلى الأستاذ حتى يحسن استعماله.
والكتاب المدرسي كغيره من بنيات مكونات المنهاج الدراسي يحتاج باستمرارإلى التطوير والتغيير والمراجعة التي تغني مساره نحو تحقيق الجودة في التربية والتعليم، ومواكبة معلوماته ومعارفه ومهاراته لما هو مستجد في الساحة العلمية يفيد المتعلم اكتسابه.
غير أن هذا الأمر لا يتم ما لم تخصص دورات لتقييمه من قبل مستعمليه الذين هم أولا وأخيرا الأساتذة والتلاميذ والمرشدون التربويون، وبحضور ومساهمة ذوي الاختصاص في الموضوع، حتى يحقق الكتاب المدرسي الأهداف المطلوبة منه، خاصة وأنه يعيش اليوم تحديا كبيرا من قبل القنوات المتعددة الوسائط.
يمكنكم الاطلاع أيضا على موضوع:
وإلى لقاء آخر مع موضوع جديد على مدونتكم الثقافية محيط المعرفة.

التعاليق

أحدث أقدم