تعتبر التيلوميرات، تلك البنيات الصغيرة التي تحمي نهايات الكروموسومات، ويشير طولها إلى طول العمر المحتمل للحيوانات. وقد تأكد ذلك من خلال دراسات اجريت لأول مرة منذ امد بعيد على بعض الانواع من  العصافير و الطيور.
 الكروموسومات  محمية من اطرافها بواسطة  التيلوميرات وهي عبارة عن  تسلسل للحمض النووي والذي لا يرمز لأية معلومات, هذه التيلوميرات تحمي الكائنات من عدة امراض و مشاكل صحية حيث انها تحمي الكروموسومات من الاتلاف و كذا من التحامها فيما بينها. انها تلعب دورا أساسيا في بقاء الخلية حية، ويتناقص طولها مع كل انقسام خلوي.
 اذا صغر حجم هذه القبعات الواقية يمكن للخلية ان تتعرض  للشيخوخة. كما لوجظ ان العديد من الأمراض كالشيخوخة المبكرة  والسرطانات  ترتبط بوجود أحجام صغيرة للتيلوميرات .
هل يمكن التنبؤ بمدة حياتنا اعتمادا على طول التيلوميرات؟
هل يمكن التنبؤ بمدة حياتنا اعتمادا على طول التيلوميرات؟
هناك عدة  افتراضات وضعت بشأن العلاقة بين طول التيلوميرات  وأمل حياة الكائنات الحية. كما قامت  بعض الشركات بالقيام بدراسات على عينات بيولوجية قليلة لتخرج باستنتاج وهو انه يمكن التنبؤ بمتوسط العمر المتوقع عيشه اعتمادا على طول التيلوميرات. لكن شيئا لم يثبث علميا بعد, لان معظم الأبحاث التي أجريت حتى الآن في كثير من الأحيان قد تقتصر على عينة  أوعينتين  خلال فترة صغيرة من حياة تلك الكائنات.
ولسد هذه الثغرة، بات موناغان Pat Monaghan وفريقه من جامعة غلاسكو، يقيسون و بانتظام طول التيلوميرات عند 99 عصفورا  بين الفقس والموت. نشرت نتائج هذا البحث في مجلة PNAS.
 تم التاكد من وجود علاقة إيجابية بين طول التيلومير وطول العمر عند العصافير خلال جميع المراحل المدروسة من حياة هذه الاخيرة. كما لوحظ ان الارتباط القوي يكون بعد 25 يوم من ولادة  هذه العصافير. من هنا يبدو ان طول التيلومير مؤشرا جيدا على الامل في الحياة عند هذه العصافير,  هذه الدراسة كانت هي الأولى من نوعها التي توضح القيمة التنبؤية  لطول التيلوميرعلى امد حياة الكائنات الحية.
لكن هل يمكن تطبيق نتائج هذه الدراسة على الانسان علما ان الطيور تنهي نضجها  تقريبا خلال 25 يوما، على الرغم من أنها غير ناضجة جنسيا. على عكس الانسان الذي يستمر نموه و نضجه الى ان يحصل على النضج الجنسي. وعلاوة على ذلك، فالإنسان يعيش أطول وفي بيئات جد  مختلفة ومتغيرة.
يريد الباحثون الآن فهم العوامل التي تتحكم في طول التيلوميرات خلال المراحل الأولى من الحياة. وهم يعتمدون على وجه الخصوص تحديد أدوار الوراثة والبيئة. وقد تبين بالفعل  أن الإجهاد والتدخين يمكن أن يسبب تقصير التيلومير و بالتالي التاثير على جودة الحياة لدى الانسان.
وبالتالي هذه النتائج تثبت صحة بعض النظريات حول معنى طول التيلوميرات. والتي تشير الى أنه ليست هناك  علاقة بين السبب والنتيجة بطريقة مباشرة حيث لا يمكن القول بان من لديه تيلوميرات طويلة فهو من يعمر اكثر, لان هناك عدة عوامل اخرى التي تتحكم في مدى حياة الانسان لكن يبقى لطول هذه الاخيرة دورا  في  احتمال العيش لفترة أطول.

ذ. عبد الرزاق الهنتاتي



التعاليق

أحدث أقدم