الإنسان يولد في هذا العالم عاريا تماما من أي عوالق مادية ما عدا من جسده ,لكنه ومع مرور الوقت يبدأ تعلقه  بالأشياء بداية من  الطعام (حليب الأم أو ما يعوضه) ثم يبدأ في احتكار الألعاب والأشياء وهذه اللعبة تمتد معه إلى بقية حياته . وحسبما نعرف جميعًا،
علاقتنا بالأشياء التي نملكها تتجاوز حدود المنفعة والجماليات. باختصار، إننا نحب أشياءنا. وكانت لدى عالم النفس ويليام جيمس  فكرة عن السبب وراء ذلك؛ إذ يزعم جيمس أن ممتلكاتنا تُعرِّف كينونتنا، فيقول: «يصعب تمييز الفارق بين ما يعرِّف المرء به نفسه وبين ما يقول إنه ملكه.»

هل أنت الذي تمتلك الأشياء أم هي التي تمتلكك؟


علاوةً على كون ممتلكاتنا مفيدة، فإنها تمثِّل امتدادًا لأنفسنا؛ فهي تمدُّنا بنفحة من الماضي، وتُخبِرنا «من نحن، ومن أين أتينا، وربما إلى أين سنذهب»، على حد قول راسل بيلك الذي يدرس النزعة الاستهلاكية بجامعة يورك بتورونتو في كندا. وتقول كاثرين روستر من جامعة نيو مكسيكو في ألباكركي  إن أشياءنا هي «مستودعات لذواتنا؛ قد يكون هذا الشيء معطفًا أو مصباحًا أو شمسية؛ فليس من الضروري أن تكون للشيء قيمة مادية لتكون له قيمة معنوية.»

إن قدرتنا على إضفاء معانٍ ثرية على الأشياء هي سمة بشرية عامة تنشأ منذ باكورة حياتنا، وتتطور مع تقدمنا في السن. وقد أظهر استقصاء أُجري عام ١٩٧٧ على أجيال متعددة لعائلات من شيكاغو أن كبار السن يَمِيلون إلى تقدير الأشياء التي تُحيِي الذكريات وتثير الخواطر، فيما يقدِّر صغار السن الأشياء متعددة الاستخدامات مثل طاولة المطبخ والكراسي. وقد يكون هذا هو الحال أيضًا في العصر الرقمي. يفترض عالم الاجتماع يوجين هالتون — الذي أجرى الاستقصاء — أن الشباب في يومنا هذا ربما يقدِّرون الهاتف الذكي أكثر من أي شيء آخر، لكن لا يُحتمل أن تظل هذه الهواتف ذات قيمة خاصة لديهم لوقت طويل، ويقول: «لا يوجد أشخاص كثيرون يحتفظون بأجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة القديمة خاصتهم كممتلكات ذات قيمة معنوية.»

ذلك الميل إلى أن نخلع على الأشياء قيمةً تفوق ما يرى الآخرون أنها تستحقه يُعرف في علم النفس بتأثير الملكية، وهذا التأثير هو ما يفسِّر سبب شرائنا معطفًا بمجرد تجربة مظهره علينا أو شراء سيارة بمجرد تجربة قيادتها؛ فمجرد تخيل أن الشيء ملكنا يجعله يبدو أكبر قيمة.

تقول مارشا ريتشنز  من جامعة ميزوري بمدينة كولومبيا بالولايات المتحدة  إن قدرتنا على تخيُّل الكيفية التي ستغير بها الأشياء الجديدة حياتنا هي ما يدفعنا إلى امتلاكها في المقام الأول؛ فقد وجدت أن «آمالَ تغيُّرِ حياتنا» تراودنا بامتلاك الأشياء الجديدة؛ إذ إننا نتوقع أن تغيِّر هذه الأشياء حياتنا للأفضل وتحسِّن من نظرة الآخرين لنا. وتضيف ريتشنز أن شركات الإعلانات تستغل هذا الميل ببراعة. إن ثقافة النزعة الاستهلاكية المفرطة التي نتسم بها جعلت من الصعوبة بمكان أن نحدد أين ينتهي السلوك الطبيعي ويبدأ السلوك القهري.

بالطبع، إننا جميعًا ماديون بدرجة ما  وبعضنا أكثر مادية من الآخرين  وكلنا يدفعنا شراء الأشياء إلى الشعور بالسعادة؛ لكن هذه السعادة لا تدوم. ونظرًا لأنها سعادة سريعة الزوال، فسرعان ما يشعر كثير من الأفراد بالرغبة في التزود من ذلك الشعور بعملية شراء ثانية، ثم عملية شراء ثالثة  وكثيرًا ما يكونون مستعدين للاستدانة من أجل القيام بذلك.

                                                                   سيكولوجيا التملك
                                                                 new scientist 


التعاليق

أحدث أقدم