يعلمنا آباؤنا منذ الصغر ألا نثق في انطباعاتنا الأولى، بل أن نتمهل في التفكير وأن تروى قبل إصدار الأحكام، وأن لا نحكم على الكتاب من غلافه كما يقال، ورغم أن هذا التوجيه له قيمته وأهميته، فإن "جلادويل" يوضح أنه ليس دائما يجب جمع أكبر قدر من المعلومات قبل التصرف، ويضيف في كتابه "طرفة عين" أنه في الغالب لا تقدم المعلومات أي تحسين لنوعية القرار الذي نتخذه ,رغم ذلك فإننا لا نزال نولي تروينا الواعي العقلاني كل ثقتنا.

التسرع هو أساس القرار السليم
التسرع هو أساس القرار السليم
ويفسر "جلاديل" موقفه بقدرة العقل الباطن على إيجاد أنماط في المواقف السلوكية وفقا "لشرائح رفيعة من الخبرة" ويقصد بذلك أن عقلنا الباطن قام  بمراكمة خبرات حياتنا كلها وقام بتشفيرها وتخزينها دون وعي منا فعقلنا الواعي لا يعلم بوجودها أصلا وأنه بمجرد أن نتعرض لموقف مشابه لخبرة سابقة يتخذ قرارا في جزء من الثانية، ربما نعتبر هذا القرار متسرعا ولا يوجد مايبرره ولكن عقلنا الباطن لم يتخذه عشوائيا، ويتحدث الكاتب عن تجارب عالم النفس "جون جوتمان" والذي استطاع توقع استمرار زواج أوطلاق عشرات الأزواج بنسبة 90% لمجرد أنه كان متخصص في حل الخلافات الزوجية لمدة طويلة استطاع عقله الباطن التعرف بسرعة فائقة على الأنماط المرشحة للطلاق أكثر من غيرها.

ويضيف كذلك أن خبراء الرسم كثيرا ما يستطيعون التحقق من إن كانت لوحة معينة أصلية أومزيفة بسرعة بالغة، وذلك بأن يشعروا بشعور بدني معين إذا وقفوا أمام تمثال معين او لوحة، ويخبرهم حدسهم إن كان هذا العمل الفني أصليا أوتقليدا. كما أن العديد من قرارات القادة العسكريين تكون صائبة رغم عدم توفر المعلومات الكافية وتكون تحت الضغط. تقول قوانين الاحتمال إن معظم القرارات التي تتخذ تحث ضغوط ينبغي أن تكون خاطئة، ومع ذلك فقد اكتشف علماء النفس أن البشر عادة ما يصدرون أحكاما صحيحة في معظم الوقت حتى في ظل عدم وجود ما يكفي من المعلومات. ومن النقاط التي أثارها "جلادويل " أننا نستطيع فعلا أن نتعلم كيف نصدر الأحكام الفورية بنفس الطريقة التي نستطيع بها تعلم التفكير المتأمل.

والدرس الثاني الذي يجب أن نتعلمه هو أن حاجتنا الملحة للكثير من المعلومات حتى نثق في قدرتنا على إصدار الأحكام هو أسلوب خاطئ، فغالبا ما تجعلنا كثرة المعلومات أكثر عرضة للخطأ رغم أنها تمنحنا إحساسا خادعا باليقين، عزيزي القارئ في المرة القادمة حين تتخذ قرارا متسرعا لا تشعر بالحزن فربما ذلك هو أحسن قرار قد اتخذته.
بيعت أكثر من 1,5 مليون نسخة من كتاب "طرفة عين " وتمت ترجمة الكتاب إلى 25 لغة، ويروج أن ليوناردو ديكابريو سيقوم بتمثيل قصة الكتاب.

                                                                        كتاب : طرفة عين
                                                                       لعالم النفس:جلادويل

التعاليق

أحدث أقدم