إن أول ما يتبادر إلى الذهن عند تعليم أو تعلم اللغة العربية أنها صعبة ومشتتة وتعتمد على الحفظ أكثر من الفهم، وأن الإعراب محتكر على النحويين، لكن اللغة العربية والتي نزل بها القرآن الكريم تعتمد على خوارزميات الفهم الرياضياتي وتقوم على المنطق في شرحها.

اللغة العربية لغة مرتبة وواضحة تنطلق من أساسيات بسيطة لتخلق في الأخير سحابة كلمات مترابطة الفهم والمعنى، وهي اللغة الوحيدة التي تُخرِج من الإسم جملة ومن الفعل جملة مستقلة.
في عالم اللغة العربية ثلاث أعمدة: الإسم والفعل والحرف، حيث يتفرع من كل واحد منها بناء لغوي جديد. فمثلا من الفعل يتفرع اللازم والمتعدي / المجرد والمزيد / الصحيح والمعتل، ومن المجرد والمزيد يتفرع الثلاثي وغير الثلاثي.

كما ان الفعل أساس الاشتقاق فمنه اسم الفاعل واسم المفعول واسما الزمان والمكان واسم الآلة واسم التفضيل، إن الأمر شبيه بقطع الليغو الذي تخلق منه ما تشاء.

خوارزميات اللغة العربية
خوارزميات اللغة العربية

أما الاسم فيمكن أن يستهل الجملة فيصير مبتدأ ليتحول بحرف او فعل لاسم الناسخ أو الفاعل. كما انه حسب إعرابه يكون اسما مجرورا أو مضافا أو نعتا، وُجِد الإسم ليجعل للنص اللغوي مصداقية وواقعية أما الحرف فوُجِد ليضمن التماسك اللغوي والترابط المنطقي للمعنى والأحداث.
إذا تأملنا الشبكة اللغوية للغة العربية نجد أنها تشبه الذرات والإلكترونات في تشابكها واتصالها: فكل فعل يحتاج إلى فاعل مرفوع دائما وفي بعض الأحيان يحتاج إلى مفعول به منصوب، إذا كان الفعل ومصدره في الجملة معا صار المصدر مفعولا مطلقا اما إذا غاب الفعل عن المصدر صار مفعولا لأجله، والمفاعيل كلها منصوبة وتتقاطع مع الجملة الإسمية، فكل مبتدأ يحتاج خبرا وغذا دخلت نواسخ حولت المبتدا اسما لها وأبقت على الخبر الأمر يشبه دخول الجذر التربيعي على الرقم وتحويله أو دخول نهاية على دالة.
كما ان الحروف وإن قل طولها لها معنى مستقل عن بعضها البعض، فمنها حروف الجر وحروف النصب وحروف الجزم والنفي وغيرها، بعضها يؤثر على الإسم والباقي على الفعل.

لكل كلمة في اللغة العربية عملها ولم توجد عبثا وإن اختل حرف اختل المعنى، فمثلا هناك فرق في درجة القدرة بين فعل اسطاع وفعل استطاع، وبين تكوين الجمل دخل التلميذ إلى البيت ودخل التلميذ البيت، فالأولى يمكن اعتبار الفعل لازما لكنه متعد في الثانية وبالتالي يصاغ منه اسم المفعول (مدخول)، وفي اللغة العربية يمكن إطالة زمن وقوع الفعل وهذا خاص بها وحدها، ففعل كان معروف انه فعل ماض ناقص لكنه في الجملة كان الله رحيما صار فعلا تاما يمتد مدة زمنية.
إن لغتنا العربية لغة الاعتزاز والغنى تحتاج إلى التفكير المنطقي في تدريسها وفهمها.

2 تعليقات

  1. مقال ممتاز وتشبيه رياضي أكثر من رائع
    نشكركم جزيل الشكر على موقعكم الثقافي المتميز

    ردحذف

إرسال تعليق

أحدث أقدم